الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال المزني رضي الله عنه : " والشركة الصحيحة أن يخرج كل واحد منهما دنانير مثل دنانير صاحبه ويخلطاهما فيكونان فيها شريكين " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، وقد ذكرنا أن الشركة إنما تصح فيما يتخلط فلا يتميز فعلى هذا لا يجوز أن يخرج أحد الشريكين دراهم والآخر دنانير ، ولا يخرج أحدهما دنانير مغربية والآخر دنانير مشرقية ، ولا أن يخرج أحدهما دنانير صحاحا والآخر دراهم مكسرة ، ولا أن يخرج أحدهما دراهم على ضرب سكة ونقش يخالفها دراهم الآخر في السكة والنقش لأن هذا كله يتميز بعد خلطه ، وجوز أبو حنيفة الشركة في هذا كله لأنه مال ناض فلم يؤثر اختلاف أوصافه في الشركة به وهذا غير صحيح لأن ما يتميز بعد خلطه لا تصح الشركة به كالعروض فعلى هذا لا تصح الشركة بالنقاد والسبائك لتميزها وأنها تجري مجرى العروض لما يتوجه إليها من زيادة السعر ونقصه حتى تكون الشركة في دراهم أو دنانير متفقة في النوع والصفة ، لا يخالف أحدها الأخرى بصفة تتميز بها ، فإذا حصل وكان مالها مشتبها لا يتميز أحدهما على الآخر بشيء فمن تمام الشركة [ ص: 482 ] أن يخلطا المالين وما لم يخلطاه فهما غير شريكين فيه ، وقال أبو حنيفة : تصح الشركة وإن كان مال كل واحد منهما منفردا معه في كيس ويشتريان معا ويدفع كل واحد منهما من دراهمه ثمن حصته ، وهذا الذي قاله إنما هو وعد بالشركة ثم يستقر بالشراء ودفع الثمن ، فأما أن تكون الشركة في المال فلأن الشركة مأخوذة من الاشتراك والاختلاط ومع تمييز المالين فلا تكون شركة ولا خلطة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية