الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإن كان الحائط بناء وعرصة نظر في طالب القسمة ، فإن دعى إليها عرضا [ ص: 397 ] ليكون له شبر من عرض البناء والعرصة من الطول كله لم يجب إليها جبرا ، ولا يصح ذلك بينهما تراضيا واختيارا ، وإنما كان كذلك لأن ما يصير إلى كل واحد منهما من نصف العرض مضر به وبصاحبه ، لأنه إن أراد هدمه لم يقدر عليه إلا بهدم ما لشريكه أو شيء منه ، وإن أراد وضع شيء عليه وقع الثقل على ما لشريكه فأضر به .

                                                                                                                                            فإن قيل : فهلا جاز ذلك بتراضيهما ؟ قيل : إن تراضيا بهدمه في الحال والاقتسام بآلته جاز .

                                                                                                                                            وإن تراضيا بقسمته بناء قائما ، وتحديد ما لكل واحد منهما متصلا لم يجز ، وإن لما ذكرنا من دخول الضرر فيما بعد .

                                                                                                                                            وإن كان الطالب يدعو إلى قسمته طولا ليكون لكل واحد منهما نصفه طولا في العرض كله جازت بالتراضي .

                                                                                                                                            وفي جواز الإجبار عليها وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما وهو ظاهر قول أبي إسحاق المروزي : لا يجاب إليها ولا يجبر الممتنع عليها ؛ لأنه قد لا يقدر على هدم النصف الذي صار له إلا بهدم شيء من نصف صاحبه فصارت ضررا عليهما .

                                                                                                                                            والوجه الثاني وهو قول أبي علي بن أبي هريرة : يجبره على هذه القسمة بالقرعة ، لأن الضرر على كل واحد منهما في هدم حصته يسير فلم يمنع من القسمة : ولأنه قد يمكن وله إزالة الضرر بقطع الحائط بينهما بالمنشار فلا ينهدم من حصة الآخر شيء .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية