الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو أصابها هدم بعد القبض كانت رهنا بحالها وما سقط من خشبها أو طوبها يعني الآجر " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح .

                                                                                                                                            إذا رهن دارا فانهدمت لم يبطل الرهن ، سواء انهدمت قبل القبض أو بعده ، لبقاء ما يجوز أن يبتدأ بالعقد عليه .

                                                                                                                                            فإن قيل : أليس لو استأجر دارا فانهدمت بطلت الإجارة ؟ فهلا كان إذا ارتهن دارا فانهدمت بطل الرهن ؟ قيل : الفرق بينهما : أن عقد الإجارة على المنافع ، وبانهدام الدار تبطل المنافع فبطلت الإجارة .

                                                                                                                                            وعقد الرهن على عين الدار وما اشتملت عليه من خشب وطوب ، وبانهدام الدار لا تذهب العين فلم يبطل الرهن ، ألا ترى أنه لو استأجر دارا مهدومة لا يمكن الانتفاع بها لم تصح الإجارة ولو ارتهن دارا مهدومة لا يمكن الانتفاع بها صح الرهن .

                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن انهدام الدار المرهونة لا يبطل الرهن ، فلا يخلو انهدامها من أحد أمرين :

                                                                                                                                            [ ص: 45 ] إما أن يكون قبل القبض أو بعده ، فإن كان قبل القبض ، كان المرتهن بالخيار إن كان الرهن مشروطا في بيع بين إمضاء البيع وبين فسخه لما طرأ عليه من النقص قبل قبضه .

                                                                                                                                            وإن كان بعد القبض وهي مسألة الكتاب فلا خيار له : لأن العيب الحادث بعد القبض ليس بأكثر من تلف الرهن بعد القبض ولو تلف بعد القبض لم يكن له خيار ، فأولى ألا يكون له بالعيب خيار ، وإذا لم يكن له خيار فما بقي من الدار ما سقط من خشب وطوب رهن بحاله يباع عند حلول الحق ويستوفى منه إن تعذر استيفاؤه من الرهن .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية