مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وخصه بأن جعله - عليه الصلاة والسلام - أولى بالمؤمنين من أنفسهم " .
قال الماوردي : وهذا صحيح لما فقال تعالى : اختص الله تعالى رسوله بكرامته وفضله على جميع خلقه أولى بالمؤمنين من أنفسهم النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم [ الأحزاب : 6 ] ، وقرأ عكرمة ( وهو أبوهم ) ، وقرأ مجاهد ( وهو أب لهم ) ، وقيل : إنها قراءة أبي بن كعب ، وفيه أربعة تأويلات :
أحدها . أنه أولى بهم فيما يراه لهم منهم بأنفسهم . وهذا قول عكرمة .
والثاني : أنه أولى بهم فيما يأمرهم به من آبائهم وأمهاتهم .
والثالث : أنه أولى بهم في دفاعهم عنه ، ومنعهم منه من دفاعهم عن أنفسهم ، حتى لو عطش ورأى مع عطشان ما كان أحق به منه ، ولو رأوا سوءا يصل إليه ، لزمهم أن يقوه بأنفسهم ، كما وقاه طلحة بن عبيد الله بنفسه يوم أحد .
والرابع : أنه أولى بهم من قضاء ديونهم وإسعافهم في نوائبهم .
وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم [ الأحزاب : 6 ] فأيما مؤمن ترك مالا فلورثته ، ومن ترك دينا أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه . فكان هذا ما من مؤمن إلا أنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة ، اقرءوا إن شئتم : لأنه لو كان واجبا لقام به الأئمة بعده ، إلا أن يكون من سهم الغارمين فيكون واجبا في سهم من الصدقات إن احتمله . مما خص الله تعالى رسوله من الكرامات ، وكان ما يفعله من قضاء الديون تفضلا منه لا واجبا عليه