الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وإن سافرت بإذنه ، فلا قسم لها ولا نفقة إلا أن يكون هو أشخصها ، فيلزمه كل ذلك لها " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : اعلم أنه لا يخلو حال سفرها من أحد أمرين : إما أن تكون مع الزوج أو منفردة عنه ، فإن سافرت مع الزوج : كانت على حقها من النفقة والقسم ، ثم ينظر ؛ فإن سافر بها بالقرعة لم يقض باقي نسائه ما أقام معها ، وإن كان بغير قرعة قضاهن مدة سفرها معه ، وإن سافرت منفردة ، فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : بإذنه .

                                                                                                                                            والثاني : بغير إذنه .

                                                                                                                                            فإن سافرت بغير إذنه : فلا قسم لها ولا نفقة ، وهي في سفرها آثمة ، وصارت أسوأ حالا من المقيمة الناشزة ، وإن سافرت بإذنه ، فقد قال الشافعي هاهنا : لها القسم والنفقة ، وقال في كتاب النفقات : لا نفقة لها ولا قسم ، فاختلف أصحابنا في ذلك على طريقين :

                                                                                                                                            أحدهما - وهي طريقة أبي حامد الإسفراييني - : أن ذلك على اختلاف قولين :

                                                                                                                                            أحدهما - وهو المنصوص عليه في هذا الموضع - : لها القسم والنفقة ؛ لأنها لما خرجت بإذنه من المأثم ، خرجت من حكم النشوز .

                                                                                                                                            والقول الثاني - وهو المنصوص عليه في النفقات - : لا قسم لها ولا نفقة ؛ لأنهما في مقابلة استمتاع ، قد فات عليه ، وإن عذرت .

                                                                                                                                            والطريقة الثانية - وهي طريقة أبي حامد المروزي - : أنه ليس على اختلاف قولين ، وإنما هو على اختلاف حالين ، فالذي قاله هاهنا في وجوب القسم لها محمول على أنها [ ص: 581 ] سافرت بإذنه فيما يخصه من أشغاله ؛ لأن له أن يستوفي حقه منها بالاستمتاع وغيره ، والذي قاله في كتاب النفقات : أنه لا قسم لها ، إذا سافرت بإذنه فيما يخصها من أشغالها ؛ لأنه تصرف قد انصرف إليها دونه ، وإن عذرت ، ويكون تأثير إذنه في رفع المأثم ، لا في وجوب القسم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية