الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : القسم الرابع

                                                                                                                                            وأما القسم الرابع : وهو أن تكون الفرقة من جهتهما ، فهو على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يغلب فيه جهة الزوج . والثاني : أن يغلب فيه جهة الزوجة .

                                                                                                                                            فأما ما يغلب فيه جهة الزوج فشيئان :

                                                                                                                                            أحدهما : الخلع ؛ لأنه تم بهما إلا أن المغلب فيه الزوج ؛ لأن الفرقة من جهته وقعت ؛ ولأنه قد يصل إلى الخلع عنها مع غيرها .

                                                                                                                                            [ ص: 552 ] والثاني : أن يملكها طلاق نفسها أو يجعل ذلك إلى مشيئتها ، فتطلق نفسها وتشاء طلاق نفسها ، فتقع الفرقة بهما إلا أن جهة الزوج أغلب للأمرين المتقدمين ، وهو أن الفرقة من جهته وقعت ، ولأنه قد كان يقدر أن يجعل طلاقها إلى غيرها ، أو أن تعلقه بمشيئة غيرها ، فيكون في حكم الطلاق إذا انفرد الزوج بإيقاعه في وجوب المتعة به على ما فصلنا .

                                                                                                                                            وأما ما يغلب فيه جهة الزوجة فهو أن تكون أمة فيبتاعها الزوج من سيدها ، فقد وقعت الفرقة من جهتها ؛ لأنها تمت ببيع السيد ، وابتياع الزوج والسيد من جهتها ، فظاهر نص هذا الموضع : أنه لا متعة لها ، وقد نص عليه في القديم ، وقال في " الإملاء " : لها المتعة ، فاختلف أصحابنا ، فذهب أكثرهم إلى تخريج ذلك على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما - وهو المنصوص عليه في القديم والمشار إليه في هذا الموضع - : أنه لا متعة لها ؛ لأن السيد في هذا الموضع بمنزلة الزوج في الخلع ، فاقتضى أن يغلب جهة السيد هاهنا في سقوط المتعة كما يغلب في الخلع جهة الزوج في وجوب المتعة ، ولأن السيد قد كان يصل إلى بيعها من غيره ، فصار اختياره للزوج اختيارا للفرقة .

                                                                                                                                            والقول الثاني : وهو المنصوص عليه في " الإملاء " لها المتعة ؛ لأن البائع والمشتري يتساويان في وقوع العقد بهما ، وقد اختص الزوج بمباشرة العقد دونها فاقتضى أن يترجح حاله في وجوب المتعة عليها ، وقال أبو إسحاق المروزي : ليس ذلك على اختلاف قولين ، وإنما هو على اختلاف حالين ، فنصه في القديم وفي هذا الموضع على ألا متعة لها محمول على أن المستدعي للبيع هو السيد ، فغلبت جهته في سقوط المتعة ، ونصه في " الإملاء " : أن لها المتعة محمول على أن المستدعي للبيع هو الزوج ، فغلبت جهته في وجوب المتعة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية