الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : [ المسألة الثانية : اختلاف ورثة الزوجين أو أحدهما وورثة الآخر ]

                                                                                                                                            وأما المسألة الثانية : وهي اختلاف ورثة الزوجين أو أحدهما وورثة الآخر :

                                                                                                                                            فقد حكي عن أبي حنيفة : أنه إذا طالت صحبة الزوجين وحسنت عشرتهما وذهبت عشيرتهما ثم ماتت الزوجة ، لم يكن لوارثها مطالبة الزوج بصداقها ، وحكاه عنه أبو الحسن الكرخي من أصحابه .

                                                                                                                                            وعلى مذهب الشافعي وجمهور الفقهاء : لوارثها مطالبة الزوج بصداقها وإن طالت صحبتهما ؛ لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه لما جازت مطالبته مع قرب المدة ، جازت مع بعدها كالدين .

                                                                                                                                            والثاني : أنه لما جاز للزوجة مطالبته ، جاز لوارثها مطالبته ، كالمدة القصيرة .

                                                                                                                                            فلذا ثبت أن الصداق باق ، وأن للوارث مطالبة الزوج به ، فاختلفا في قدره جاز أن يتحالفا عليه ؛ لأن الوارث يقوم مقام موروثه في الاستحقاق فقام مقامه في التحالف .

                                                                                                                                            فعلى هذا إن تحالف وارثا الزوجين حلفا كتحالف الزوجين ، إلا في شيء واحد ، وهو أن يمين الزوجين على البت والقطع في النفي والإثبات جميعا ، ويمين الوارثين على نفي العلم في النفي ، وعلى القطع في الإثبات ؛ لأن من حلف على فعل نفسه كانت يمينه على القطع في نفيه وإثباته ، ومن حلف على فعل غيره كانت يمينه على العلم في نفيه وعلى القطع في إثباته .

                                                                                                                                            فعلى هذا يحلف وارث الزوج فيقول : والله ما أعلمه تزوجها على صداق ألفين ، ولقد تزوجها على صداق ألف .

                                                                                                                                            [ ص: 500 ] ويقول وارث الزوجة : والله ما أعلمه تزوجها على صداق ألف ، ولقد تزوجها على صداق ألفين .

                                                                                                                                            فإن كان الورثة جماعة ، حلف كل واحد منهم يمينا على ما وصفنا ، ولم ينب أحدهم عن غيره فيها ، فإن حلف بعضهم ، ونكل بعضهم أجرى على الحالف حكمه ، وعلى الناكل حكمه .

                                                                                                                                            ولو مات أحد الزوجين وكان الآخر باقيا ، تحالف الباقي منهما ووارث الميت ، وكانت يمين الباقي على القطع في نفيه وإثباته ، ويمين الوارث على العلم في نفيه وعلى القطع في إثباته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية