الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو تزوجها ثم أيسر لم يفسده ما بعده " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح إذا تزوج الحر أمة على الشرائط المبيحة ، ثم ارتفعت الشرائط بعد العقد بأن أمن العنت بعد خوفه أو وجد الطول بعد عدمه أو نكح حرة بعد إن لم يكن ، فنكاح الأمة على صحة ثبوته .

                                                                                                                                            وقال المزني : إن أمن العنت لم يبطل نكاح الأمة ، وإن وجد الطول أو نكح حرة بطل نكاح الأمة : استدلالا بقول الله تعالى : ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم [ النساء : 25 ] فجعل عدم الطول شرطا في إباحة الأمة ابتداء ، فوجب أن يكون شرطا في إباحتها انتهاء ، قال : ولأن زوال علة الحكم موجب لزواله ، والعلة في نكاح الأمة عدم الطول ، فوجب أن يكون وجوده موجبا لبطلان نكاحها ، وهذا خطأ لقول الله تعالى : وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم [ النور : 32 ] الآية ، فندب إلى النكاح : لأنه قد يفضي إلى الغنى بعد الفقر ، فلم يجز أن يكون الغنى الموعود به في النكاح موجبا لبطلان النكاح ، ولا عدم الطول شرطا في نكاح الأمة ، كما أن خوف العنت شرطا في نكاحها ، فلما لم يبطل نكاحها إذا زال العنت لم يبطل إذا وجد الطول : ولأن الطول بالمال غير مراد للبقاء والاستدامة : لأنه يراد للإنفاق لا للبقاء وما لم يرد للبقاء إذا كان شرطا في ابتداء العقد لم يكن شرطا في استدامته كالإحرام والعدة بالعقد لم يبطل ، ولما كانت الردة والرضاع يرادان للاستدامة : لأن الردة دين يعتقده المرتد للدوام ، وكان ذلك شرطا في الابتداء والاستدامة ، كذلك المال لما لم يرد للاستدامة وجب أن يكون شرطا في الابتداء دون الاستدامة كالإحرام والعدة .

                                                                                                                                            [ ص: 243 ] فأما استدلال المزني بالآية فيقتضي كون ما تضمنها من الشرط في ابتداء العقد دون استدامته ، وما ذكره من الاستدلال بأن زوال العلة موجب لزوال حكمها فاسد بخوف العنت .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية