الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن نكاح الحر للأمة معتبر بما أوضحناه من الشروط الثلاثة ، فليس له إذا استكملت فيه أن ينكح أكثر من أمة واحدة .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة ، ومالك : يجوز أن ينكح منهن أربعا كالحرائر : استدلالا بقول الله تعالى : ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات [ النساء : 25 ] فأطلق ملك اليمين إطلاق جمع ، فحمل على عمومه في استكمال أربع كالحرائر : ولأن كل جنس حل نكاح الواحدة منه حل نكاح الأربع منه كالحرائر طردا والوثنيات عكسا : ولأن كل من جاز أن له أن يتزوج بأكثر من حرة واحدة ، جاز له أن يتزوج بأكثر من أمة واحدة كالعبد .

                                                                                                                                            ودليلنا قول الله تعالى : ذلك لمن خشي العنت منكم [ النساء : 25 ] وهذا إذا تزوج أمة واحدة فقد أمن العنت ، فلم يجز أن يتزوج بأمة قياسا على ما تحته من الحرائر أخرى ، ولك تحري هذا قياسا ، فنقول : إنه حر أمن العنت ، فلم يجز أن يتزوج بأمة قياسا على من تحته حرة ، وإن شئت قلت حر قادر على وطء بنكاح قياسا على هذا الأصل ، ولأنه محظور إلا عند الضرورة ، فلم يستبح منه إلا ما دعت إليه الضرورة كأكل الميتة .

                                                                                                                                            فأما الاستدلال بالآية ، فلا يقتضي إلا أمة واحدة : لأنه قال : ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات [ النساء : 25 ] فلما كان المراد بالحرائر المحصنات واحدة وجب أن يكون المراد بما في مقابلتهن من الإماء واحدة ، وعلى أن الأمة بدل من الحرة ولا يجوز أن يكون البدل أوسع حكما من المبدل .

                                                                                                                                            [ ص: 240 ] وأما قياسهم على الحرائر ، فالمعنى فيهن : جواز العقد عليهن بغير ضرورة ، ولأنه لا يسترق ولده فيدخل عليه باسترقاقه ضرر فخالف نكاح الإماء من هذين الوجهين :

                                                                                                                                            وأما الجواب عن قياسهم على العبد : فهو أنه يجوز أن ينكح الأمة لغير ضرورة ، وليس عليه استرقاق ولده ضرر ، فخالف الحر من هذين الوجهين ، فعلى هذا لو تزوج أمتين ثبت نكاح الأولى وبطل نكاح الثانية ، فإن تزوجها في عقد واحد بطل نكاحهما : لأن إحداهما إن حلت فهي غير معينة ، فصار كمن تزوج أختين بطل نكاح الثانية ، إن تزوجها في عقدين ، فأبطل نكاحهما إن تزوجهما في عقد واحد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية