الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما ما جعله الشافعي رحمه الله مثالا للنخلة إذا أثمرت من الجارية الحامل والشاة الماخض ، وجمعه بينهما من وجه ، وتفريق بينهما من آخر ، فنوضح من حكمهما ما بين به موضع الجمع ، وموضع الفرق .

                                                                                                                                            أما الجارية : إذا كانت صداقا فحملت في يد الزوج ، فالحمل فيها زيادة من وجه ، ونقصان من وجه .

                                                                                                                                            أما زيادتها فبالولد ، وأما نقصانها فبالخوف عليها عند الولادة ، فإن بذلتها الزوجة لم [ ص: 442 ] يلزم الزوج قبولها لأجل النقص ، وإن طلبها الزوج لم يلزم الزوجة بذلها لأجل الزيادة ، وأيهما دعا إلى القيمة أجيب ؛ فتكون على هذا موافقة للثمرة في الزيادة ، ومخالفة لها في النقصان .

                                                                                                                                            وأما الشاة : إذا كانت صداقا فحملت بالحمل فيها زيادة من وجه ، واختلف أصحابنا هل يكون نقصا فيها من وجه آخر أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يكون نقصا في البهائم ، ويكون زيادة محضة ، وإن كانت في الآدميات نقصا وزيادة ؛ لأن حال الولادة مخوف في الآدميات وغير مخوف في البهائم .

                                                                                                                                            فذلك كان نقصا في الآدميات ، ولم يكن نقصا في البهائم .

                                                                                                                                            فعلى هذا : إذا بذلتها الزوجة أجبر الزوج على قبولها في أصح الوجهين ، فتكون موافقة للثمرة في الزيادة وغير مخالفة لها في النقصان .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن الحمل في البهائم نقص أيضا ، وإن أمن عليها عند الولادة ؛ لأن الحمل قد أحدث نقصا في اللحم ، فصار نقص اللحم نقصا فيها ، وإن لم يخف عليها في ولادتها .

                                                                                                                                            فعلى هذا : إن بذلتها الزوجة لم يجبر الزوج على قبولها لأجل النقص ، فإن طلبها الزوج لم تجبر الزوجة على قبولها لأجل الزيادة ، وأيهما دعا إلى القيمة أجيب .

                                                                                                                                            فتكون على هذا موافقة للثمرة في الزيادة ، ومخالفة لها في النقصان .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية