فصل : فأما ما نقله المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد زوج بناته وهن أخوات المؤمنين ، وإنما أراد به الشافعي : أنهم - وإن كن كالأمهات في تحريمهن - فلسن كالأمهات في جميع أحكامهن ، أن لو كان كذلك لما زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا من بناته منهن : لأنهن أخوات المؤمنين ، وقد زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا من بناته ، فزوج - قبل النبوة - زينب بأبي العاص بن الربيع . وزوج - قبل النبوة - رقية بعتبة بن أبي لهب ، وطلقها بعد النبوة ، فزوجها بعده عثمان بن عفان - رضي الله عنه - بمكة ، فولدت له عبد الله ، وبلغ ست سنين ، ثم مات هو وأمه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر ، ثم زوجه بعدها بأم كلثوم ، فماتت عنده في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : لو كان لنا ثالثة لزوجناك . وزوج عليا - رضي الله عنه - فاطمة بعد الهجرة .
فلما زوج رسول الله من ذكرنا من بناته ، علم اختصاص نسائه من حكم الأمهات بالتعظيم والتحريم ، إلا أن المزني نقل عن الشافعي : ما زوج بناته وهن أخوات المؤمنين ، فذهب أكثر أصحابنا إلى أنه غلط منه في النقل ، وإن الشافعي قال في أحكام القرآن من الأم : قد زوج بناته ، وهن غير أخوات المؤمنين . فغلط في النقل . وذهب بعض أصحابنا إلى صحة نقل المزني ، وأنه على معنى النفي والتقرير ، ويكون تقديره قد زوج بناته أو يزوجهن وهن أخوات المؤمنين .