الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذ قد مضى ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مخصوصا به في مناكحه نصا : فقد اختلف أصحابنا في جواز الاجتهاد فيما يجوز أن يكون مخصوصا به في مناكحه من طريق الاجتهاد والنص ، فكان أبو علي بن خيران يمتنع من جواز الاجتهاد لنقصه وكذلك في الإمامة : لأن الاجتهاد إنما يجوز عند الضرورة في النوازل الحادثة ، وذهب سائر أصحابنا إلى جواز الاجتهاد في ذلك : ليتوصل به إلى معرفة الأحكام ، وإن لم تدع إليها ضرورة ، كما اجتهدوا فيما لم يحدث من النوازل ، فاجتهدوا في سبع مسائل أفضى بهم الاجتهاد إلى الاختلاف فيها :

                                                                                                                                            فأحدها : أن اختلفوا هل كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينكح بغير ولي ولا شهود ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لم يكن له ذلك ، وهو وغيره سواء في ألا ينكح إلا بولي وشاهدين : لقوله صلى الله عليه وسلم : كل نكاح لم يحضره أربعة فهو سفاح ، فلم يجز أن يتوجه ذلك إلى مناكحه .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن يجوز له أن ينكح بغير ولي ولا شاهدين : لقول الله تعالى : النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم [ الأحزاب : 6 ] ولأن النبي صلى الله عليه وسلم خطب أم سلمة فقالت : ما لي ولي حاضر ، فقال ما يكرهني من أوليائك حاضر ولا غائب ، ثم قال لابنها عمر - وكان غير بالغ - : قم زوج أمك . وقد أنكر أحمد بن حنبل على من قال غير بالغ ، وهو قول الأكثرين ، ولأن الولي إنما يراد لالتماس الأكفاء ، والرسول صلى الله عليه وسلم أفضل الأكفاء ، والشهود إنما يرادون حذر التناكر ، وهذا غير موهوم في الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون منه أو له ، فلذلك لم يفتقر نكاحه إلى ولي ولا شهود .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية