فصل : فإذا تقرر جواز الوكالة ، ولم يجز أن يوكل الزوجة : لأنه لا حق للزوجة في مباشرة العقد ، فلم يصح منها التوكيل فيه ، وإذا كان كذلك فحكم الوكالة فيه يتعلق بفصلين : في النكاح جاز أن يوكل الولي والزوج
أحدهما : في توكيل الولي .
والثاني : في توكيل الزوج .
فأما توكيل الولي فلا يجوز أن يوكل فيه إلا من يصح أن يكون وليا فيه ، وهو أن يكون ذكرا بالغا عاقلا حرا مسلما رشيدا ، فإذا اجتمعت هذه الأوصاف الستة صح توكيله ، كما تصح [ ص: 114 ] ولايته ، وإن أخل بأحد هذه الأوصاف فوكل امرأة ، أو صغيرا ، أو مجنونا ، أو عبدا ، أو كافرا ، أو سفيها لم يجز وكانت الوكالة باطلة ، فإن عقد بها كان العقد فاسدا ، فإذا تكاملت في الوكيل هذه الشروط الست لم يخل حال الولي الموكل له من أحد أمرين :
إما أن يكون ممن يجبر على النكاح كالأب والجد مع البكر ، أو ممن لا يجبر عليه كسائر الأولياء مع الثيب ، أو كغير الأب والجد مع البكر والثيب ، فإن كان الولي ممن يجبر على النكاح كالأب والجد مع البكر ، فإن له أن يوكل بإذنها وغير إذنها ، كما يجوز له تزويجها بإذنها وغير إذنها ، لكن هل يلزمه أن يعين لوكيله على الزوج أو يرده إلى اختياره ؟ فيه قولان :
أحدهما : يجوز أن يرده إلى اختياره : لأنه قد أقامه بالتوكيل مقام نفسه ، فلم يلزمه التعيين كالتوكيل في الأموال ، فعلى هذا يلزمه أن يختار لها كفؤا ، والأولى به إذا أراد تزويجها بمن قد اختاره لها أن يستأذنها فيه ، وإذنها معه الصمت كإذنها مع الأب ، فإن زوجها به من غير استئذانه صح النكاح كالأب إذا زوج بغير إذن ، فلو أن الولي على هذا القول عين لوكيله على الزوج سقط اختيار الوكيل ، ولم يكن له تزويجها بغير من عين له عليه كالوكيل في الشراء إذا عين على ما يشتريه .
والقول الثاني : أن على الولي أن يعين لوكيله في عقد الوكالة على الزوج الذي زوجها به ، ولا يرد ذلك إلى خياره : لأن معنى الولي في لحوق عارها معقود في وكيله ، فلم يقم اختيار الوكيل مقام اختياره ، وفارق التوكيل في الأموال التي لا يراعى في اختيارها لحوق العار .
فعلى هذا متى زوجها الوكيل بكفء وغير كفء ، كان النكاح باطلا لفساد الوكالة ، فلو عين له أن يزوجها بأحد رجلين ، نظر : فإن كان الولي قد اختارهما ورد العقد على أحدهما إلى خيار وكيله جاز ، وإن لم يكن من الولي اختيار بل رد ذلك إلى اختيار وكيله وخياره ، ثم الاعتبار بأن لا يكون للولي خيار .