فصل : وأما الفصل الثاني في زوجة الرجل إذا زنت هل ينفسخ نكاحها أم لا ؟
فمذهب الشافعي وجمهور الفقهاء : أن النكاح صحيح لا ينفسخ بزناها .
وهو قول الصحابة إلا حكاية عن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه : أن نكاحها قد بطل . وهو قول الحسن البصري لتحريم اجتماع المائين في فرج .
ودليلنا مع ما قدمناه من حديث عائشة ما رواه أبو الزبير عن جابر قال : فكنى بقوله " لا ترد يد لامس " عن الزنا ، فأمره بطلاقها ، ولو انفسخ نكاحها بالزنا لما احتاج إلى طلاق ، ثم لما أخبره أنه يحبها أذن له في الاستمتاع بها ، ولو حرمت عليه ، لنهاه عن الاستمتاع بها ولأعلمه تحريمها . جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن امرأتي لا ترد يد لامس ، قال : طلقها ، قال : إني أحبها ، قال : استمتع بها
فإن قيل : فالمراد بقوله " لا ترد يد لامس " : أنها لا ترد متصدقا طلب منها ماله .
قيل : هذا خطأ من وجهين :
أحدهما : أنه لو أراد هذا ، لقال : لا ترد يد ملتمس : لأن الطالب يكون ملتمسا ، واللامس يكون مباشرا ، فلما عدل إلى يد لامس ، خرج عن هذا التأويل .
والثاني : أنها لو كانت تتصدق بماله لما خرج قوله فيها مخرج الذم ، ولما أمر بطلاقها ، ولأمره بإحراز ماله منها .
وروي فكان ذلك منه كناية عن زناها بأسود ، فلم يحرمها عليه ، أن رجلا قال : يا رسول الله ، إن امرأتي ولدت غلاما أسودا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لعل عرقا نزعه ولأن العجلاني أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه وجد مع امرأته رجلا فلاعن بينهما ولم يجعلها بالزنا حراما .
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تزنوا فتزني نساؤكم : فإن بني فلان زنوا فزنت نساؤهم .
[ ص: 191 ] فدل هذا على بقائهم مع الأزواج بعد الزنا ، فأما تحريم اجتماع المائين في فرج فنحن على تحريمهما ، وإذا اجتمعا ثبت حكم الحلال منهما ، وسقط حكم الحرام .