مسألة : قال الشافعي : " ولو اجتمع إسلامه وإسلام حرتين في العدة ، ثم عتق ، ثم أسلمت اثنتان في العدة لم يكن له أن يمسك إلا اثنتين من أي الأربع شاء لا يثبت له بعقد العبودية إلا اثنتان ، وينكح تمام أربع إن شاء " .
قال الماوردي : وصورتها في ، فلهن إذا أسلمن بعده في عددهن ثلاثة أحوال : عبد تزوج في الشرك بأربع زوجات حرائر ثم أسلم ، وأعتقن
إحداهما : أن يسلمن قبل عتقه .
والثاني : أن يسلمن بعد عتقه .
والثالث : أن يسلم بعضهن قبل عتقه ، وبعضهن بعد عتقه .
فإن أسلمن قبل عتقه ، وهو عبد ثم أعتق ، له أن يمسك منهن إلا اثنتين : لأنهن أسلمن وهو عبد لا يستبيح منهن إلا اثنتين ، فاستقر الحكم باجتماع الإسلامين ، فلم يغيره ما حدث بعده كمن اجتمع إسلامه وإسلام أمة ، وهو موسر ثم أعسر ، أو كان معسرا ثم أيسر ، فإن حكمه معتبر باجتماع الإسلامين في يساره وإعساره ، ولا يغيره ما حدث بعده من يسار بعد إعسار أو إعسار بعد يسار ، كذلك هذا ، وإن أعتق الزوج ثم أسلمن بعد عتقه ، فله إمساك الأربع كلهن : لأنه عند اجتماع الإسلامين حر تحل له أربع ، فجاز له إمساك الأربع ، وإن أسلم بعضهن قبل عتقه وأسلم بعضهن بعد عتقه ، فهذا على ضربين :
[ ص: 280 ] أحدهما : أن لا يستكمل إسلام من يحل له في الرق .
والثاني : أن لا يستكمل ، فإن استكمل - وذلك بأن يسلم قبل عتقه اثنتان وبعد عتقه اثنتان - فليس له أن يمسك منهن إلا اثنتين ، كما لو أسلم جميعهن قبل عتقه : لأنه لما اجتمع إسلامه وإسلام اثنتين في العبودية ، فقد استوفى حقه من عدد المنكوحات في العبودية ، وصار حرا من الزيادة ، ممنوعا ، فاستقر حكم المنع ، وإن لم يستكمل العدد قبل عتقه ، بل أسلمت واحدة قبل العتق وثلاث بعده ، فالذي يقتضيه حكم التعليل أن يجوز له إمساك الأربع : لأنه لم يستوف حقه في العبودية ، حتى بحدوث الحرية ، فصار كما لو أسلمن بعدها ، وإن كان فيه احتمال ضعيف أنه قد وصل منهن إلى بعض حقه ، فلم يكن له منهن إلا باقية ، وهي واحدة ، فلا يمسك منهن إلا اثنتين ، ثم هكذا لو تقدم إسلامهن عليه ثم أعتق ، اعتبر حال عتقه ، فإن أعتق قبل إسلامه أمسك الأربع ، وإن أعتق بعد إسلامه أمسك اثنتين .