فصل
إذا ، وأطلقت الإذن ، وصححناه ، فزوج واحد زيدا ، وآخر عمرا ، أو وكل الولي المجبر رجلا ، فزوجها الولي زيدا ، والوكيل عمرا ، أو وكل رجلين ، فزوج أحدهما زيدا ، والآخر عمرا ، فللمسألة خمس صور . إحداها : أن يسبق أحد النكاحين ونعلمه ، فهو الصحيح . والثاني باطل ، سواء دخل الثاني ، أم لا ، وإنما يعلم السبق بالبينة أو التصادق . أذنت لأحد الوليين أن يزوجها بزيد ، وللآخر أن يزوجها بعمرو
الثانية : أن يقعا معا ، فباطلان . ولو اتحد الخاطب ، وأوجب كل واحد من الوليين النكاح له معا ، صح على الصحيح ، ويتقوى كل واحد من الإيجابين بالآخر ، [ ص: 89 ] وحكى العبادي عن القاضي وغيره : أنه لا يصح ، لأنه ليس أحدهما أولى بالاعتبار ، فتدافعا .
الثالثة : إذا لم يعلم السبق والمعية ، وأمكنا ، فباطلان ، لأن الأصل عدم الصحة ، كذا أطلقه الجمهور ، ونقل الإمام وغيره وجها : أنه لا بد من إنشاء فسخ ، لاحتمال السبق .
الرابعة : أن يسبق واحد معين ، ثم يخفى ، فيتوقف حتى يبين ، ولا يجوز لواحد منهما الاستمتاع بها ولا لثالث نكاحها ، إلا أن يطلقاها ، أو يموتا ، أو يطلق أحدهما ، أو يموت الآخر .
قلت : ولا بد من انقضاء عدتها بعد موت آخرهما . - والله أعلم - .
وطرد بعضهم في هذه الصورة القولين المذكورين في الصورة الخامسة ، وهو ضعيف .
الخامسة : إذا علم سبق أحدهما ، ولم يعلم عينه ، فباطلان على المنصوص ، وهو المذهب ، كما لو احتمل السبق والمعية لتعذر الإمضاء . وقيل : قولان ، أحدهما هذا ، والثاني مخرج من الجمعين في مثل هذه الصورة : أنه يتوقف كما في الصورة الرابعة . فعلى المذهب ، هل يبطلان بلا فسخ ؟ أم لا بد من إنشاء فسخ ؟ فيه الخلاف السابق في الصورة الثالثة ، فإن شرطنا الإنشاء ، ففيمن يفسخ أوجه . أصحها : الحاكم أو المحكم إن جوزنا التحكيم . والثاني : للمرأة الفسخ بغير مراجعة الحاكم . والثالث : للزوجين الفسخ أيضا . وحيث أبطلنا النكاحين ، فلا مهر ، إلا أن يوجد دخول ، فيجب مهر المثل . وإذا أبطلنا عند احتمال السبق والمعية ، وفيما إذا سبق أحدهما ولم يعلم ، فهل يبطل ظاهرا وباطنا ، أم ظاهرا فقط ؟ وجهان . فعلى الأول ، لو ظهر وتعين السابق بعد ، فلا زوجية . ولو نكحت ثالثا ، فهي زوجة الثالث . وإن قلنا بالثاني ، فالحكم بخلافه .
[ ص: 90 ] قلت : ينبغي أن يقال : الأصح : أنه إن جرى فسخ من الحاكم ، انفسخ أيضا باطنا ، وإلا ، فلا . - والله أعلم - .