الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        القسم الثالث : إذا تغير الصداق بالزيادة والنقص معا ، إما بسبب واحد ، بأن أصدقها عبدا صغيرا فكبر ، فإنه نقص بسبب نقص القيمة ، ولأن الصغير يدخل على النساء ، ولا يعرف الغوائل ، ويقبل التأديب والرياضة ، وفيه زيادة بقوته على الشدائد والأسفار ، وحفظ ما يستحفظه . وكما إذا أصدقها شجرة فكبرت فقل ثمرها وزاد حطبها .

                                                                                                                                                                        وإما بسببين ، بأن أصدقها عبدا فتعلم القرآن واعور ، فيثبت لكل منهما الخيار ، وللزوج أن لا يقبل العين لنقصها ، ويعدل إلى نصف القيمة ، ولها أن لا تبذلها لزيادتها وتدفع نصف القيمة . فإن اتفقا على رد العين ، جاز ، ولا شيء لأحدهما على الآخر . وليس الاعتبار بزيادة القيمة ، بل كل ما حدث وفيه فائدة مقصودة ، فهو زيادة من ذلك الوجه وإن نقصت القيمة كما ذكرنا في كبر العبد .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        أصدقها جارية حائلا ، فحبلت في يدها وطلقها قبل الدخول ، فهو زيادة من وجه ونقص من وجه ، للضعف في الحال ، ولخطر الولادة . فإن لم يتفقا على نصف الجارية ، [ ص: 296 ] فالمعدول إليه نصف قيمة الجارية ، وليس لأحدهما إجبار الآخر . وحكى الحناطي وجها ، أن الزوج يجبر إذا رضيت برجوعه إلى نصف الجارية حاملا بناء على أن الحمل لا يعرف ، ومقتضى هذا أن تجبر هي أيضا إذا رغب الزوج في نصفها حاملا ، والصحيح الأول . وأما الحمل في البهيمة ، فكالجارية . وقيل : زيادة محضة ، إذ لا خطر فيه ، والأول أصح ; لأنه لا يحمل عليها حاملا ما يحمل حائلا ، ولأن لحم الحامل أردأ .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        أصدقها أرضا فحرثتها ، فإن كانت الأرض معدة للزراعة ، فزيادة محضة . وإن كانت معدة للبناء ، فنقص محض ، فحينئذ إن أراد الرجوع إلى نصف عينها ، مكن ، وإن أبى ، رجع إلى نصف القيمة بلا حراثة . وإن زرعتها ، فنقص محض ، فإن اتفقا على الرجوع إلى نصف العين وترك الزرع إلى الحصاد ، فذاك . قال الإمام : وعليه إبقاؤه بلا أجرة ; لأنها زرعت ملكها الخالص . وإن رغب فيها الزوج وامتنعت ، أجبرت . وإن رغبت هي ، فله الامتناع ، ويأخذ نصف قيمة الأرض . فإن قالت : خذ نصف الأرض مع نصف الزرع ، ففي إجباره طريقان .

                                                                                                                                                                        أحدهما : وجهان كما سنذكره إن شاء الله تعالى في الثمار . والثاني : القطع بالمنع ; لأن الزرع ليس من عين الصداق ، بخلاف الثمرة ، والمذهب المنع كيف كان . وإن طلقها بعد الحصاد ، وبقي في الأرض أثر العمارة ، وكانت تصلح لما لا تصلح له قبل الزراعة ، فهي زيادة محضة ولو غرستها ، فكما لو زرعتها . لكن لو أراد أن يرجع في نصف الأرض ويترك الغراس ، ففيه وجه أنها لا تجبر ; لأن الغراس للتأبيد . وفي إبقائه في ملك الغير ضرر . ولو طلقها والأرض مزروعة أو مغروسة ، [ ص: 297 ] فبادرت بالقلع ، نظر ، إن بقي في الأرض نقص لضعفها بهما وهو الغالب ، فهو على خيرته ، وإلا انحصر حقه في الأرض .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية