الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الرابعة : سبق أنه إذا علق الطلاق بالإعطاء ، لا يقع إلا بالإعطاء في المجلس على الصحيح ، إلا إذا كان بصيغة " متى " وما في معناها ، فلا تختص بالمجلس ، وكل ذلك جار في قوله : إن أقبضتيني كذا ، أو أديت إلي كذا .

                                                                                                                                                                        ولو قال : أنت طالق إن شئت ، أو أنت طالق على ألف إن شئت ، اشترط وجود مشيئتها في مجلس التواجب ، بخلاف التعليق كسائر الصفات ؛ لأنه استدعاء لجوابها واستبانة رغبتها .

                                                                                                                                                                        وحكى الحناطي قولا أنه لا يشترط المجلس ويقع الطلاق متى شاءت ، كسائر التعليق ، والمجلس مجلس التواجب على الصحيح كما سبق .

                                                                                                                                                                        وإذا قالت في المجلس : شئت وقبلت ، فقد تم العقد فتطلق ويلزم المال ، ولا يشترط تسليم المال في المجلس .

                                                                                                                                                                        وإن اقتصرت على قولها : شئت ، أو قبلت ، فثلاثة أوجه . أصحها عند الغزالي : يكفي ؛ لأن كلا منهما يشعر بالرضى والالتزام ، وهذا مقتضى كلام الشيخ أبي حامد .

                                                                                                                                                                        والثاني : لا بد من الجمع بينهما ؛ لأنه لو اقتصر على قوله : أنت طالق [ كان جوابها قبلت ، ولو اقتصر على قوله : أنت طالق ] إن شئت ، كان جوابها شئت ، فإذا جمعهما ، اشترط جمعهما في الجواب .

                                                                                                                                                                        والثالث : يكفي قولها : شئت ، [ ص: 407 ] ولا يكفي قولها : قبلت ؛ لأن القبول ليس مشيئة ، ولهذا لو قال : أنت طالق إن شئت ، فقالت : قبلت ، لم تطلق ، وبهذا قطع المتولي ، واختاره الإمام فيما حكى عنه المعلق .

                                                                                                                                                                        قلت : هذا الثالث ، هو الأصح بل الصحيح . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        فعلى الثالث : لا رجوع للزوج على قاعدة التعليقات ، وعلى الثاني : في جواز رجوعه وجهان ، لتردده بين التعليق والمعاوضة .

                                                                                                                                                                        ولو علق طلاقها بالمشيئة بصيغة " متى " طلقت متى شاءت ، ولا يختص بالمجلس كسائر الصفات .

                                                                                                                                                                        ولو قالت : طلقني بألف درهم ، فقال : أنت طالق على ألف إن شئت ، فليس بجواب لها لما فيه من التعليق ، فيتوقف على مشيئة مستأنفة .

                                                                                                                                                                        ولو نكر فقال : على ألف ونوى ما ذكرت ، فكذلك الحكم . وإن نوى غير الدراهم ، فقد نقل الحناطي أنه يقع طلاق رجعي ولا بدل ، وخرج من عنده أنه لا طلاق حتى يتصل به القبول والمشيئة ، كما لو ابتدأ به ، وهذا هو القياس الحق .

                                                                                                                                                                        ولو لم ينو شيئا ، فقد حكى وجهين في وقوعه رجعيا أو بائنا ، ووجهين إن وقع بائنا في أن الواجب مهر المثل أم المسمى ؟ ومقتضى جعله مبتدأ أن لا يقع الطلاق إلا أن يتصل به قبول ومشيئة .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية