الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        المراد بالإعفاف ، أن يهيئ له مستمتعا ، بأن يعطيه مهر حرة ينكحها ، أو يقول : تزوج وأنا أعطي المهر ، أو يباشر النكاح بإذن الأب ويعطي المهر ، أو يملكه جارية تحل للأب ، أو ثمن جارية . وسواء كانت الحرة المنكوحة مسلمة أو كتابية ، وأومأ الروياني إلى وجه [ أن ] الكتابية لا تكفي وهو شاذ ، وليس للأب [ أن ] يعين النكاح ، ولا يرضى بالتسري ، ولا إذا اتفقا على النكاح أن يعين رفيعة المهر لجمال أو شرف . ولو اتفقا على مهر مقدر ، فتعيين المرأة إلى الأب ، ولا يجوز أن يملكه أو يزوجه شوهاء ، أو عجوزا ، ثم على الولد أن ينفق على زوجة الأب أو أمته ويقوم بمئوناتها . ولو أيسر الأب بعدما ملكه الولد جارية أو ثمنها ، لم يكن له الرجوع ، كما لو أعطاه نفقة فلم يأكلها حتى أيسر . ولو كان تحته صغيرة أو عجوز ، أو رتقاء ولم تندفع حاجته ، فالقياس وجوب الإعفاف ، وأنه لا يجتمع عليه نفقتان . ولو ماتت الأمة التي ملكه إياها ، أو الحرة التي تزوجها ، أو فسخت النكاح بعيبه ، أو فسخ بعيبها ، أو انفسخ بردة [ ص: 217 ] أو رضاع ، بأن أرضعت التي نكحها صغيرة كانت زوجة له ، وجب على الولد تجديد الإعفاف كما لو دفع إليه نفقة فسرقت منه . وقيل : لا يجب ، والصحيح الأول .

                                                                                                                                                                        قلت : قال الإمام : ولو فرض الإعفاف مرارا ، أو بموت الزوجات ، تجدد الأمر بوجوب الإعفاف ما دامت الحاجة ، ولا ينتهي ذلك ، وإن كثر تكرار الإعفاف . الله أعلم .

                                                                                                                                                                        فلو طلقها أو خالعها ، أو أعتق الأمة ، فإن كان لعذر من شقاق أو نشوز أو غيرهما ، وجب التجديد على الأصح ، وإلا فلا . وفي " التتمة " وجه ، أنه إذا طلق ، لزمه أن يزوجه مرة أخرى ، أو يسريه . فإن طلق ثانيا ، لم يزوجه بعد ذلك بل يسريه ، ويسأل الحاكم الحجر عليه لئلا ينفذ إعتاقه . وإذا وجب التجديد ، فإن كانت بائنة ، لزم التجديد في الحال ، وإن كانت رجعية ، لم يجب إلا بعد انقضاء العدة .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا قلنا : لا يجب الإعفاف ، فللأب المحتاج أن ينكح أمة . وإن أوجبناه ، فوجهان . أحدهما : يجوز لأنه غير مستطيع حرة وخائف العنت . وأصحهما : المنع ; لأنه مستغن بمال ولده . فإن قلنا بالأول ، حصل الإعفاف بأن يزوجه أمة .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية