الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        السادسة : ادعت على رجل أنه نكحها يوم الخميس بألف ، ونكحها يوم السبت بألف ، وطلبت الألفين ، سمعت دعواها لإمكان ثبوت الألفين بأن يطأها يوم الجمعة ، ويخلعها ثم ينكحها يوم السبت ، وإذا ثبت العقدان بالبينة ، أو بإقراره ، أو بيمينها بعد نكوله ، لزمه الألفان ، ولا يحتاج إلى التعرض لتخلل الفرقة ، ولا لحصول الأصل ؛ لأن كل عقد منهما ثبت مسماه والأصل بقاؤه .

                                                                                                                                                                        فإن ادعى أن العقد الثاني كان إظهارا للأول لا إنشاء ، لم يقبل . وهل له تحليف المرأة على نفي ذلك ؟ وجهان حكاهما في " العدة " أصحهما : له .

                                                                                                                                                                        فإن ادعى على أنه لم يصبها في النكاح الأول ، صدق بيمينه ، ولا يطالب من المهر الأول إلا بالنصف ، وتكون معه بطلقتين . ولو ادعى في النكاح الثاني الطلاق قبل الإصابة ، صدق بيمين ، وقنع منه بنصف المهر الثاني أيضا .

                                                                                                                                                                        ولو ادعى على رجل أنه اشترى منه كذا يوم الخميس بألف ، ثم يوم الجمعة بألف ، وطالبه بالثمنين ، لزمه الثمنان إذا ثبت العقدان كما في المهرين .

                                                                                                                                                                        السابعة : رجل يملك أبوي حرة ، فنكحها على أحدهما معينا ، ثم اختلفا ، فقال : [ ص: 329 ] أصدقتك أباك فقالت : بل أمي ، فوجهان . أصحهما : يتحالفان .

                                                                                                                                                                        والثاني : يصدق الزوج بيمينه في أنه لم يصدقها أمها ، وتحلف هي أنه لم يصدقها الأب ، ولها مهر مثلها ، ويعتق الأب بإقرار الزوج أنه أصدقها الأب لتضمنه الإقرار ؛ لأنه عتق عليها ولا غرم على المرأة ؛ لأنها لم تفوت عليه شيئا ، فصار كما لو قال لرجل : بعتك أباك فأنكر ، عتق عليه بإقراره .

                                                                                                                                                                        إن قلنا بالتحالف فحلفا ، عتق الأب بإقرار الزوج ، ولها مهر مثلها ، وليس عليها قيمة الأب ، وولاؤه موقوف ؛ لأن الزوج يقول : هو لها ، وهي تنكره . وإن حلفت دونه ، عتق الأبوان .

                                                                                                                                                                        أما الأب ، فبإقراره ، وأما الأم ، فلأنا حكمنا بكونها صداقا ، وليس عليها قيمة واحدة منهما . وإن حلف دونها ، رقت الأم ، وعتق الأب ، وولاؤه موقوف .

                                                                                                                                                                        وإن لم يحلف واحد منهما ، عتق الأب ، ولا تتمكن هي من طلب المهر ؛ لأن من ادعى شيئا ونكل عن اليمين بعد الرد ، كان كمن لم يدع شيئا .

                                                                                                                                                                        ولو قال الزوج : أصدقتك أباك ونصف أمك وقالت : بل أصدقتني كليهما ، تحالفا بلا خلاف ؛ لأن الاختلاف هنا في قدر الصداق . فإذا حلفا ، فلها مهر المثل وتعتق ، وعليها قيمته لاتفاقهما أنه عتق عليها بحكم الصداق ، فلما تحالفا بطل الصداق ، ولا سبيل إلى رد العتق فوجبت القيمة ، كما لو اشترى عبدا فأعتقه ، ثم اختلفا في الثمن وتحالفا .

                                                                                                                                                                        وأما الأم ، فيعتق عليها نصفها . فإن كانت موسرة ، عتق الباقي بالسراية وعليها قيمة ما يعتق منها ، ويجيء التقاص .

                                                                                                                                                                        ولو حلف الزوج دونها ، عتق الأب ونصف الأم ، ولا سراية إن كانت معسرة ، ولا شيء لها ولا عليها ؛ لأنا حكمنا بيمينه أن الصداق هو الأب ونصف الأم .

                                                                                                                                                                        ولو حلفت دونه ، حكم بكونهما صداقا وعتقا ، ولا شيء عليها . ولو قالت : أصدقتني الأم ونصف الأب ، فقال : لا بل الأب ونصف الأم ، تحالفا . فإذا حلفا ، [ ص: 330 ] فلها مهر المثل ، ويعتق من الأب نصفه لاتفاقهما ، ونصفه بإقرار الزوج وعليها قيمة ما اتفقا عليه . وأما الأم ، فيعتق نصفها باتفاقهما ، ويسري إلى الباقي إن كانت موسرة ، وعليها قيمة ما عتق منها .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية