فصل
، وكالخياطة والخدمة والبناء وغيرها ، وفيه مسائل . كل عمل جاز الاستئجار عليه ، جاز جعله صداقا ، وذلك كتعليم القرآن والصنائع
إحداها : يشترط في . تعليم القرآن ليصح صداقا شرطان
أحدهما : العلم بالمشروط ، تعليمه بأحد طريقين .
الأول : بأن يقول : كل القرآن أو السبع الأول أو الأخير . وحكي وجه شاذ : أنه لا يشترط تعيين السبع . فإن عين بالسور والآيات ، فعلى ما ذكرناه في الإجارة ، وذكرنا هناك الخلاف في اشتراط قراءة بيان القدر الذي يعلمه نافع وأبي عمرو وغيرهما . وقطع هنا بعدم الاشتراط قال : فلو شرط حرف ابن كج أبي عمرو ، علمها بحرفه ، فإن علمها بحرف ، فهل يستحق أجرة المثل ، أم لا شيء له ؟ وجهان . وحكى قولين في أنها ترجع على الزوج بمهر المثل ، أم بقدر التفاوت بين أجرة التعليم بالحرف المشروط والآخر ؟ فإن لم يكن تفاوت ، [ ص: 305 ] لم يرجع بشيء ثم قال : ولا معنى لهذا الاختلاف ، بل الواجب أن يقال : يعلمها بحرف الكسائي أبي عمرو وهو متطوع بما علم . ثم العلم بهذا يشترط في حق الزوج ، فإن لم يعرف أحدهما أو كلاهما قدر السور والأجزاء والآيات ، قال : الطريق التوكيل ، وإلا فيرى المصحف ، ويقال : تعلم من هذا الموضع إلى هذا ، ولك أن تقول : لا يكفي هذا ، إذ لا يعرف به صعوبته وسهولته . أبو الفرج الزاز
قلت : الصواب أنه لا تكفي الإشارة إذا لم يعلمها فيتعين التوكيل . والله أعلم .
الطريق الثاني : تقديرها بالزمان ، بأن ، ويعلمها فيه ما شاءت ، كما يخيط الأجير للخياطة ما شاء المستأجر . فلو جمع الطريقين فقال : تعلمها في شهر سورة البقرة ، فهو كقوله : استأجرتك لتخيط هذا الثوب اليوم ، وفيه خلاف سبق في الإجارة . يصدقها تعليم القرآن شهرا
الشرط الثاني : أن يكون المعقود على تعليمه قدرا في تعليمه كلفة ، فإن لم يكن ، بأن شرط تعليم لحظة لطيفة ، أو قدر يسير وإن كان آية ، كقوله تعالى : ثم نظر لم يصح الإصداق وهو كبيع حبة حنطة .
الثانية : ، ففي صحة الإصداق وجهان ، كنظيره في الإجارة . أصحهما : الصحة . ولو نكحها على أداء شهادة لها عنده ، أو نكح كتابية على أن يلقنها كلمة الشهادة ، لم يصح الصداق ، قاله أصدقها تعليم الفاتحة وهو متعين للتعليم البغوي .
[ ص: 306 ] الثالثة : ، فإن التزم التعليم في الذمة ، جاز ثم يأمر بتعليمها أو يتعلم ويعلمها . وإن كان الشرط أن يعلمها بنفسه ، فهل يصح ثم يتعلم ويعلمها ، أم لا يصح لعجزه ؟ وجهان . أصحهما : الثاني . إذا كان الزوج لا يحسن ما شرط تعليمه
ولو شرط أن يتعلم ثم يعلمها ، لم يصح أيضا ; لأن العمل متعلق بعينه ، والأعيان لا تقبل التأجيل . قال المتولي : فإن صححنا فأمهلته ليتعلم ، فذاك ، وإلا فهو معسر بالصداق . ولو أراد الزوج أن يقيم غيره يعلمها ، جاز إن كان التزم في الذمة ، وإلا فلا . ولو أرادت أن تقيم غيرها متعلما ، فهل يجبر الزوج كالمستأجر للركوب يركب غيره ، أم لا لاختلاف الناس في الفهم والحفظ ؟ وجهان . أصحهما عند الجمهور : الثاني ، وخالفهم الإمام ، ومنهم من جعل الخلاف في جواز الإبدال مع التراضي . ولو فرض عقد مجدد ، فأبدلت منفعة بمنفعة ، جاز قطعا .
الرابعة : ، لم يصح الصداق كما لو شرط الصداق لولدها . وإن أصدقها تعليم غلامها ، قال أصدقها تعليم ولدها البغوي : لا يصح كالولد . وقال المتولي : يصح ، وهذا أصح . ولو وجب عليها تعليم الولد أو ختان العبد ، فشرطته صداقا ، جاز .
الخامسة : ، بأن تعلمت من غيره ، أو كانت بليدة لا تتعلم ، أو لا تتعلم إلا بكلفة عظيمة ويذهب الوقت في تعليمها فوق العادة ، أو ماتت أو مات الزوج والشرط أن يعلم بنفسه ، ففي الواجب القولان السابقان فيما لو تلف الصداق قبل القبض . فعلى الأظهر : يجب مهر المثل ، وعلى الآخر : أجرة التعليم . لو تعذر التعليم
السادسة : ، فإذا لم تحسنه ، صدقت ، وإن أحسنته [ ص: 307 ] وادعت التعلم من غيره ، فأيهما يصدق ؟ وجهان لتعارض الأصل والظاهر ، أصحهما : هي . قال : علمتك وأنكرت
السابعة : ، إن كان بعد الدخول ، فذاك ، وإلا ، فيرجع عليها بنصف أجرة التعليم ، وإن طلقها قبل التعليم ، فقد استحقت جميع التعليم إن دخل ، وإلا ، فتعليم النصف ، وفيه وجهان . أحدهما : يعلمها وراء حجاب بغير خلوة . وأصحهما وهو المنصوص في " المختصر " : أنه قد تعذر التعليم ; لأنها قد صارت أجنبية ، ولا تؤمن مفسدة . فعلى هذا : ترجع بمهر المثل على الأظهر إن دخل ، وإلا فنصفه ، وعلى الآخر : ترجع بأجرة التعليم أو نصفها . أصدقها تعلم سورة ، فعلمها ثم طلقها
الثامنة : ، فإن توقع إسلامها ، صح الصداق ، وإلا فسد ، ومال جماعة إلى الجواز مطلقا . ولو نكح مسلمة أو كتابية على تعليم التوراة والإنجيل ، لم يصح ; لأنه يجوز الاشتغال به لتبديله ، والواجب في هذه الحالة مهر المثل قطعا ، إذ لا قيمة للمسمى . ولو نكح ذمي على تعليم التوراة والإنجيل ، ثم أسلما أو ترافعا بعد التعليم ، لم نوجب شيئا آخر ، وإن كان قبل التعليم ، أوجبنا مهر المثل كما في الخمر . نكح كتابية على تعليم القرآن
التاسعة : مما ليس بمحرم ، صح الصداق . وإن كان محرما كالهجو والفحش ، لم يصح . أصدقها تعليم فقه ، أو أدب أو طب أو شعر ونحوها
العاشرة : ، أو جملها التائه وكان الموضع معلوما ، صح . وإن كان مجهولا ، فقولان . أحدهما : يصح كالجعالة . والمشهور : المنع ، ويجب مهر المثل ، بخلاف الجعالة ، فإنها عقد جائز احتملت الجهالة فيها للحاجة . نكحها على أن يرد عبدها الآبق
[ ص: 308 ] فإن رده ، فله أجرة مثل الرد ، ولها مهر المثل . وإذا صح الصداق ، فطلقها بعد رد العبد وقبل الدخول ، استرد منها نصف أجرة المثل . وإن طلقها قبل الرد ، فإن كان بعد الدخول ، فعليه الرد . وإن كان قبله ، فعليه الرد إلى نصف الطريق ، ثم يسلمه إلى الحاكم . فإن لم يكن حاكم ، أو لم يكن موضعا يمكن تركه فيه ، ولم يتبرع بالرد إليها ، قال المتولي : يؤمر برده إليها ، وله عليها نصف أجرة المثل . ولو تعذر رده برد غيره ، أو رجوعه بنفسه أو بموته ، فقد فات الصداق قبل القبض ، فترجع إلى مهر المثل على الأظهر ، وعلى الآخر : إلى أجرة الرد .
الحادية عشرة : ، جاز ، وله أن يأمر بالخياطة إن التزم في الذمة ، وإن نكح على أن يخيط بنفسه ، فعجز بأن سقطت يده أو مات ، ففيما عليه ؟ قولان . أظهرهما : مهر المثل . والثاني : أجرة الخياطة . ولو تلف ذلك الثوب ، فوجهان . أصحهما : تلف الصداق فيعود القولان في مهر المثل والأجرة . والثاني : تأتي بثوب مثله ليخيطه . وإن طلقها بعد الخياطة قبل الدخول ، فله عليها نصف أجرة المثل . وإن طلقها قبل الخياطة ، فإن دخل بها ، فعليه الخياطة ، وإلا خاط نصفه . فإن تعذر الضبط ، عاد القولان في أنه يجب مهر المثل أم الأجرة ؟ نكحها على خياطة ثوب معلوم
الثانية عشرة : قال المتولي : لو ، جاز . ولو جعل النزول عن الشفعة ، أو حد القذف صداقا ، لم يجز ; لأنه لا يقابل بمال ، ولا يجوز جعل طلاق امرأة صداقا لأخرى ، ولا بضع أمته صداق المنكوحة . كان له عليها قصاص فنكحها ، وجعل النزول عن القصاص صداقا
[ ص: 309 ]