الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
88 [ 781 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا إبراهيم بن محمد، عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية، عن الأعرج، عن ابن الصمة قال: مررت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول فتمسح بجدار ثم يمم وجهه وذراعيه .

التالي السابق


الشرح

عبد الله والد عبيد الله: هو ابن [عتبة] بن مسعود الهذلي أبو عبد الرحمن، سكن الكوفة.

سمع: عمر بن الخطاب، وابن مسعود. وروى عنه: حميد بن عبد الرحمن، وأبو إسحاق السبيعي، وعون بن عبد الله ابنه .

وحديث عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه [عن] عائشة صحيح [ ص: 31 ] مخرج في الكتابين من رواية مالك، وما في المسند مختصر عما رواه البخاري ومسلم وتمامه أن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي، فأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على التماسه وأقام الناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة، أقامت برسول الله وبالناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء.

قالت: فجاء أبو بكر - رضي الله عنه - ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واضع رأسه على فخذي قد نام فقال: حبست رسول الله وليس وليسوا على ماء وليس معهم ماء، قالت: فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول وجعل يطعن بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فخذي، فنام رسول الله حتى أصبح على غير ماء، فأنزل الله تعالى آية التيمم، قال أسيد بن حضير -وهو أحد النقباء- ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر. قالت عائشة: فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته.


وحديث عمار بن ياسر رواه ابن عيينة تارة عن الزهري، وأخرى عن عمرو بن دينار عن الزهري ، يقال أنه كان سمعه من عمرو ثم من الزهري فترك بعد ذلك ذكر عمرو، واختلف الرواة عن الزهري في الإسناد ورواية ابن عيينة عنه فربما قال ابن عيينة: عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه عن عمار كما رواه الشافعي، وكذلك رواه أبو أويس المدني [ ص: 32 ] عن الزهري، وجويرية عن مالك عن الزهري وربما قال: عن عبيد الله عن عمار من غير توسيط أبيه وكذلك رواه ابن أبي ذئب ويونس بن يزيد الأيلي والليث بن سعد وجعفر بن برقان عن الزهري، واختلفت الرواية عن معمر عن الزهري، فأثبت الشافعي في روايته عن الثقة عن معمر ذكر أبيه، ورواه عبد الرزاق عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن أبيه .

وحديث ابن الصمة مختصر وقد سبق في الكتاب أكمل مما أورده ها هنا بهذا الإسناد وذكرنا ما يتعلق به.

وقصد الشافعي بإيراد الحديثين أن حديث عمار يشعر بأن اليدين في التيمم تمسحان إلى المناكب والآباط، وليس في حديث ابن الصمة إلا ذكر الذراعين فقال: ليس في حديث عمار أنهم تيمموا كذلك بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولعلهم لما سمعوا ذكر الأيدي في الآية مطلقة أخذوا بالاحتياط، فإن اسم اليد يقع على ما بين مناط المنكب إلى أطراف الأصابع فاستوعبوها بالمسح محتاطين، وبتقدير أن يكون ذلك بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد قيد عمار ما فعلوه بأول نزول الآية فإن ثبت خلافه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ناسخا لما فعلوه أولا، وفي الصحيح من رواية [ ص: 33 ] الحكم بن عتيبة عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال: أجنبت فلم أجد الماء؟

فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب: أما تذكر أنا كنا في سفر فأجنبت أنا وأنت، فأما أنت فلم تصل وأما أنا فتمعكت فصليت، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له فقال: إنما كان يكفيك هكذا وضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - بكفيه الأرض فنفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه.


وقضية هذا الحديث أنه لا يجب في التيمم مسح ما وراء الكفين، وقد قال كثير من أهل العلم: فما ظنك بوجوب مسح ما وراء المرفقين، قال أبو سليمان الخطابي: ولم يصر إلى ذلك أحد من أهل العلم، وفي بعض روايات هذا الحديث ومسح بهما وجهه وكفيه إلى المرفقين أو الذراعين.

وفي بعض الروايات إلى المرفقين.

ويروى القول بوجوب المسح إلى المرفقين عن ابن عمر والحسن وإبراهيم النخعي، ثم ذكر الشافعي وجها آخر فقال: قد اختلفت الرواية عن عمار في كتاب التيمم، وحديث ابن الصمة -ولم يوافقه- لا اختلاف فيه وهو أشبه بالقياس; لأن البدل يحكى حكاية الأصل، واليد في الوضوء تغسل إلى المرفق، وأيضا فإنه أحوط فالأخذ به أولى.




الخدمات العلمية