الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
655 [ 874 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا سفيان، عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتجم محرما صائما.

[ ص: 139 ]

التالي السابق


[ ص: 139 ] الشرح

أبو الأشعث: هو شراحيل بن آدة، ويقال: ابن كليب بن آدة الصنعاني صنعاء الشام، وقيل: هو شرحبيل بن شرحبيل الشامي.

سمع: عبادة بن الصامت، وثوبان، وشداد بن أوس، وأبا أسماء الرحبي.

وروى عنه: أبو قلابة الجرمي .

وشداد: هو ابن أوس بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد بن مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصاري الخزرجي أبو يعلى ابن أخي حسان بن ثابت.

سمع: النبي - صلى الله عليه وسلم -. وروى عنه: بشير بن كعب، وغيره.

ونزل بيت المقدس ومات بها سنة أربع وستين وقبره مشهور يزار .

وحديث شداد ثابت، أخرجه أبو داود عن موسى بن إسماعيل عن وهيب عن أيوب عن أبي قلابة، ورواه عاصم الأحول عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن أبي أسماء الرحبي عن شداد ، ورواه يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - واللفظ: خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثمان عشرة ليلة خلت من رمضان، فإذا رجل يحتجم بالبقيع، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أفطر الحاجم [ ص: 140 ] والمحجوم" .

وعن علي بن المديني أنه قال: لا أرى الحديثين إلا صحيحين، ويمكن أن يكون أبو أسماء سمعه منهما .

ويروى "أفطر الحاجم والمحجوم":

من رواية يونس عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومن رواية قتادة عن الحسن عن ثوبان ، ومن رواية عطاء بن السائب عن الحسن عن معقل بن يسار ، ومن رواية مطر عن الحسن عن علي رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومن رواية أشعث عن الحسن عن أسامة بن زيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وفي الباب عن رافع بن خديج وأبي موسى الأشعري وعائشة رضي الله عنهم.

وصحح الكبار من علماء الحديث حديث ثوبان وشداد وأبي [ ص: 141 ] موسى، وقد قدمنا فيما سبق أن الأكثرين لم يروا بأسا بالحجامة للصائم وتمسكوا بما رواه ابن عباس; أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو صائم. أخرجه البخاري عن أبي معمر عن عبد الوارث عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس، وعن مقسم عن ابن عباس قال: احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين مكة والمدينة وهو صائم محرم .

وتكلموا في قوله: "أفطر الحاجم والمحجوم" من وجهين:

أحدهما: أن حديث ابن عباس أولى بأن يؤخذ به; لأنه أمثل إسنادا، ولأن فيهما ما يشعر بأن حديث ابن عباس ناسخ لقوله: "أفطر الحاجم والمحجوم"; وذلك لأن حديث شداد مؤرخ بعام الفتح، وفي حديث ابن عباس ذكر الإحرام ولم يصحبه ابن عباس في إحرامه قبل حجة الإسلام، فيتقدم تاريخ حديث شداد على حجة الإسلام بسنتين، وقد روي عن أنس بن مالك بإسناد وثق الحافظ أبو الحسن الدارقطني رواته أنه قال: أول ما كرهت الحجامة للصائم [أن] جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم، فمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أفطر هذان" ثم رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد في الحجامة للصائم فكان أنس رضي الله عنه يحتجم وهو صائم .

وعن أبي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص في الحجامة [ ص: 142 ] للصائم . والترخص يشعر بسبق المنع.

والثاني: تأويل لفظ الإفطار من وجوه، قدمناها في باب الصائم.




الخدمات العلمية