الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1728 الأصل

[ 1008 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا ابن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " "إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله" . .

التالي السابق


الشرح

هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن عمرو الناقد وغيره عن سفيان، والبخاري ومسلم من حديث يونس عن الزهري، ورواه البخاري عن إسحاق بن إبراهيم، ومسلم عن قتيبة، بروايتهما عن جرير عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وروى البخاري عن محمد بن الحكم عن النضر بن شميل عن إسرائيل عن سعد الطائي عن محل بن [خليفة] عن عدي بن حاتم قال: "بينا أنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ..." فذكر الحديث، وقال فيه: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى قلت: يا رسول الله، كسرى بن هرمز؟! [ ص: 307 ] قال: كسرى بن هرمز؟

قال عدي: وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز.

وأورد الشافعي الحديث في باب ترجمه "بإظهار دين النبي - صلى الله عليه وسلم - على الأديان" وافتتح الباب بقوله تعالى: هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وجمع بين هذا الحديث وبين ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث بكتابه إلى كسرى، فلما قرأه كسرى مزقه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ممزق ملكه" وأن قيصر أكرم كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأثنى عليه ووضع كتابه في مسك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ثبت ملكه".

بأن قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد وعد أصحابه فتح فارس والشام، وكانت قريش تنتاب الشام انتيابا كثيرا وكان كثير من معاشها منها وتأتي العراق، فيقال أنها لما دخلت في الإسلام ذكرت للنبي - صلى الله عليه وسلم - خوفها من انقطاع معاشها بالتجارة من الشام والعراق مع مخالفة ملك الشام والعراق لأهل الإسلام، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده" فلم يكن بأرض العراق كسرى يثبت له أمر بعده، وقال: "إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده" فلم يكن بأرض الشام قيصر بعده، وقال في كسرى: "يمزق ملكه" لم يبق للأكاسرة ملك، ولما قال في قيصر; ثبت ملكه ببلاد الروم، وحقق الله ما أخبر به رسوله، ففتح أبو بكر -رضي الله عنه- بعض الشام وتم فتحها في زمان عمر -رضي الله عنه- وفتح العراق وفارس، وأظهر الله دينه.

والكاف من كسرى تفتح وتكسر، ويروى عن الأصمعي أنه أنكر الفتح.

[ ص: 308 ] الأصل




الخدمات العلمية