الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1551 [ 1351 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا سفيان، سمعت الزهري يقول: سمعت أنسا يقول: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الدباء والمزفت أن ينبذ فيه .

التالي السابق


الشرح

سليمان الأحول: هو سليمان بن أبي مسلم، خال عبد الله بن أبي نجيح المكي.

سمع: طاوسا، وأبا سلمة بن عبد الرحمن، وسعيد بن جبير، ومجاهدا.

روى عنه: ابن جريج، وابن عيينة، وعثمان بن الأسود .

وحديث ابن أوفى صحيح، رواه البخاري عن موسى بن إسماعيل عن عبد الواحد بن زياد عن سفيان، وقال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نبيذ الجر الأخضر.

قلت: أشرب في الجرار البيض؟

قال: "لا".

وحديث عبد الله بن عمرو أخرجه البخاري ومسلم عن جماعة عن سفيان، لكن قالا: عن سليمان، عن مجاهد، عن أبي عياض، عن عبد الله بن عمرو، وسقط من رواية الشافعي ذكر أبي عياض: وهو قيس بن ثعلبة، ويقال: عمرو بن الأسود أبو عياض العبسي الكوفي.

[ ص: 447 ] سمع: عبد الله بن عمرو، وكان حيا [في] ولاية معاوية.

وحديث أبي سلمة عن أبي هريرة، وحديث الزهري عن أنس مخرجان في الصحيحين أيضا.

والنهي عن هذه الأوعية ثابت أيضا من رواية علي وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم، في الصحيح من رواية سعيد بن جبير عن ابن عمر وابن عباس; أنهما شهدا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت .

وعن سعيد، عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرم نبيذ الجر.

فقلت: وأي شيء نبيذ الجر؟

قال: "كل شيء يصنع من المدر" .

والدباء: القرع، الواحدة دباءة، وأما الحنتم ففي رواية أبي صالح عن أبي هريرة تفسيره بالجرار الخضر، وفي رواية زاذان عن ابن عمر تفسيره بالجرة بلا تقييد، وقيل: هي الجرار البيض، وقيل: الخضر والبيض وهي التي طليت بالزجاج ونحوه، وقيل: الفخار كله، وقيل: هي الجرار المزفتة، وعلى هذا فالجمع بين الحنتم والمزفت كان المقصود منه أن يتناول النهي ما زفت من غير الجرار كالأسقية وغيرها.

والنقير: أصل النخلة ينقر ويلقى فيه التمر والماء للانتباذ، وفي صحيح مسلم من رواية زاذان عن ابن عمر أنه قال في تفسير النقير: أنه النخلة تنسح نسحا وتنقر نقرا.

[ ص: 448 ] أي: ينحى قشرها عنها ويحفر فيها.

وسبب النهي عن الانتباذ في هذه الأوعية; أنها متينة ولها ضراوة، فربما اشتد فيها النبيذ وصاحبها لا يشعر باشتداده فيكون على غرر من شربها; فأما الأسقية فهي رقيقة إذا اشتد فيها النبيذ تقطع أو ظهر أثره من خارج فلا يخفى الأمر فيه، وكان الانتباذ فيها والشرب منها حراما في صدر الإسلام، ثم اختلفوا: فذهب بعضهم إلى استمراره، ويروى ذلك عن ابن عمر وابن عباس، وبه قال مالك وأحمد.

وقال الأكثرون: إن التحريم منسوخ، ويدل عليه حديث عبد الله بن عمرو، وحديث جابر الذي سيأتي من بعد، وحديث بريدة الأسلمي; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "نهيتكم عن الأشربة إلا في ظروف الأدم; فاشربوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكرا" رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن معرف بن واصل عن محارب بن دثار عن سليمان ابن بريدة عن أبيه.




الخدمات العلمية