الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
633 [ 790 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا ابن عيينة أنه [سمع] عبيد الله بن أبي يزيد يقول: سمعت ابن عباس يقول: ما علمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[صام] يوما يتحرى صيامه على الأيام إلا هذا اليوم -يعني يوم عاشوراء .

التالي السابق


الشرح

حديث ابن أبي ذئب عن الزهري عن عروة مختصر ما رواه على إثره من حديث هشام عن أبيه.

وهو صحيح، أخرجه البخاري وأبو داود عن القعنبي عن مالك، ومسلم من وجه آخر عن هشام .

[ ص: 39 ] وحديث حميد عن معاوية أخرجه البخاري عن القعنبي، ومسلم عن أبي الطاهر عن عبد الله بن وهب، بروايتهما عن مالك.

وحديث نافع عن ابن عمر أخرجه مسلم عن قتيبة وغيره عن الليث.

وحديث عبيد الله بن أبي يزيد أخرجه البخاري عن عبيد الله بن موسى، ومسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة بروايتهما عن ابن عيينة، ورواه مسلم أيضا عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق عن ابن جريج عن عبيد الله بن أبي يزيد.

وفي حديث عائشة إشعار بأن صوم عاشوراء كان واجبا ثم نسخ، ويعضده ما في الصحيحين من حديث يزيد بن أبي عبيد عن سلمة ابن الأكوع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلا من أسلم يوم عاشوراء إلى قومه يأمرهم بأن يصوموا هذا اليوم، ومن طعم منهم فليصم بقية يومه.

ومن حديث بشر بن المفضل عن خالد بن ذكوان عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صبيحة عاشوراء إلى قرى الأنصار حول المدينة: "من كان أصبح صائما فليتم صومه، ومن كان أصبح [مفطرا] ( فليصم) بقية يومه" وكنا نصومه بعد ذلك ونصوم صبياننا الصغار ونجعل لهم اللعبة من [العهن] ونذهب [ ص: 40 ] بهم إلى المسجد، فإذا بكى أحد منهم على الطعام أعطيناه ذلك .

وفي "كتاب مسلم" من حديث أبي معاوية عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله أنه قال في يوم عاشوراء: إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صامه قبل أن ينزل رمضان، فلما نزل رمضان ترك.

ومن حديث عبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صامه والمسلمون قبل أن يفرض رمضان، فلما فرض رمضان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن عاشوراء يوم من أيام الله، فمن شاء صامه ومن شاء تركه" .

وروى الأمر بصيامه: أبو موسى الأشعري وجابر بن سمرة وابن عباس.

وفي حديث معاوية إشعار بأنه لم يكن واجبا قط; فإنه قال: "لم يكتب الله عليكم صيامه".

وحديث نافع عن ابن عمر المذكور في الأصل إلى هذا الاحتمال أقرب، ومن قال بالأول فلا يشكل عليه أن يقول: المعنى لم يكتب الله عليكم صيامه الآن، لكن الشافعي - رضي الله عنه - مال إلى أن صومه لم يكن واجبا قط، ورأى أن يحمل قول عائشة: "وترك يوم عاشوراء" على ترك استحبابه، كأنه يريد الاستحباب المؤكد واستقرار الأمر على أصل الاستحباب، وقد يفهم هذا المعنى من حديث جابر بن سمرة - رضي الله عنه - وهو [ ص: 41 ] مخرج في "كتاب مسلم" قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا بصيام عاشوراء ويحثنا عليه ويتعاهدنا عنده، فلما فرض رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا ولم يتعاهدنا عنده .

وقوله: "وقد أخرج من كمه قصة من شعر" في رواية الصحيح: وقد تناول قصة من شعر كانت في يد حرسي.

والقصة من الشعر: ما أقبل على الجبهة من شعر الرأس سمي قصة; لأنه يقص، وقيل: كل خصلة من الشعر قصة، وأراد النهي عن وصل الشعر.

وقوله: أين علماؤكم يحتمل أن يريد: ليشهدوا لما أقول، ويحتمل أن يريد: ليتعلموا ما أقول فقد غفلوا عنه.




الخدمات العلمية