الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإذا ) كان مجتهدو عصر ( اختلفوا ) في مسألة ( على قولين حرم إحداث ) قول ( ثالث ) مطلقا عند الإمام أحمد رضي الله عنه وأصحابه وعامة الفقهاء . قال ابن مفلح : كما لو أجمعوا على قول واحد . فإنه يحرم إحداث قول ثان . ونص عليه الإمام الشافعي رضي الله عنه في الرسالة . وقال الآمدي والطوفي وجمع : إن رفع القول الثالث حكما مجمعا عليه حرم إحداثه وإلا فلا . فمثال ما يرفع المجمع عليه : إذا رد بكرا بعيب بعد وطئها مجانا . فهذا القول يحرم إحداثه . فإنهم اختلفوا في البكر إذا وطئها المشتري ثم وجد بها عيبا قيل : ترد مع الأرش . وقيل : لا ترد بوجه . فالقول بأنها ترد مجانا رافع لإجماع القولين على منع الرد قهرا مجانا . واحترز بقوله " قهرا " عما إذا تراضيا على الرد مع الأرش ، أو على الإمساك وأخذ أرش العيب القديم جاز ، وعلى الصحيح من مذهبنا : أن المشتري مخير بين الإمساك وأخذ الأرش وبين الرد وإعطاء الأرش إن لم يكن البائع دلس . فإن دلس لم يلزم المشتري أرش . ومثال ما لا يرفع مجمعا : الفسخ في النكاح بالعيوب الخمسة : الجنون ، والجذام ، والبرص ، والجب [ ص: 239 ] والعنة ونحوها إن كان في الزوج ، والرتق والفتق ونحوهما إن كان في الزوجة . فقيل : لكل منهما أن يفسخ بها . وقيل : لا . كما نقل عن أبي حنيفة أنه يفسخ ببعض دون بعض . وعن الحسن البصري : أن المرأة تفسخ دون الرجل لتمكنه من الخلاص بالطلاق قول ثالث ، لكنه لم يرفع مجمعا عليه ، بل وافق في كل مسألة قولا ، وإن خالفه في أخرى . وصحح هذا القول كثير من العلماء . واعترضه بعض الحنفية بكون هذا التفصيل لا معنى له ; إذ لا نزاع في أن القول الثالث إن استلزم إبطال مجمع عليه يكون مردودا ، لكن الخصم يقول : إنه مستلزم ذلك في جميع الصور ، وإن كان في بعض لا يستلزم فالكلام في الكل . وقال أبو الخطاب وبعض الحنفية وغيرهم ، وذكره في التمهيد : إن ظاهر كلام أحمد أنه لا يحرم إحداث قول ثالث مطلقا ; لأن بعض الصحابة قال : لا يقرأ الجنب حرفا . وقال بعضهم : يقرأ ما شاء . فقال الإمام أحمد رضي الله عنه : يقرأ بعض آية . وفي تعليق القاضي في قراءة الجنب . قلنا بهذا موافقة لكل قول . ولم نخرج عنهم . انتهى . ولأنه لم يخرق إجماعا سابقا . فإنه قد لا يرفع شيئا مما أجمعوا عليه . قاله البرماوي .

التالي السابق


الخدمات العلمية