الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
232 - ( 10 ) - حديث عائشة قالت : { جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر ، أفأدع الصلاة ؟ قال : لا إنما ذلك عرق وليست بالحيضة ، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة ، فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي }لفظ الترمذي من رواية وكيع ، وعبدة ، وأبي معاوية ، عن هشام ، عن أبيه ، عنها وزاد : قال أبو معاوية في حديثه : { وتوضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت }ورواه أبو داود وابن ماجه [ ص: 296 ] من حديث وكيع ، وفيه : وتوضئي " ورواه ابن حبان في صحيحه ، وأبو داود والنسائي من رواية محمد بن عمرو ، عن الزهري ، عن عروة وفيه : { فتوضئي وصلي }ومن طريق أبي حمزة السكري : عن هشام بن عروة بلفظ : { فاغتسلي وتوضئي لكل صلاة }ورواه مسلم في الصحيح دون قوله " وتوضئي " من حديث هشام ، ثم أخرجه عن خلف ، عن حماد بن زيد ، عن هشام ، وقال في آخره : وفي حديث حماد حرف تركنا ذكره قال البيهقي : هو قوله : وتوضئي " لأنها زيادة غير محفوظة ، وقد بين أبو معاوية في روايته أنها قول عروة ، وكأن مسلما ضعف هذه الرواية لمخالفتها سائر الرواة عن هشام .

قلت : قد زادها غيره كما تقدم . وكذا رواه الدارمي من حديث حماد بن سلمة ، والطحاوي وابن حبان من حديث أبي عوانة وابن حبان من حديث أبي حمزة السكري . قلت : رواية أبي معاوية المفصلة أخرجها البخاري لكن سياقه لا يدل على الإدراج كما بينته في المدرج .

وروى أبو داود وابن ماجه من طريق [ ص: 297 ] الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عروة ، عن عائشة ، لم ينسب أبو داود عروة ، ونسبه ابن ماجه في روايته فقال : ابن الزبير ، وكذا الدارقطني ، وقد قال علي بن المديني وغيره : ولم يسمع حبيب من عروة بن الزبير ، وإنما سمع من عروة المزني ، وقال الترمذي في الحج عن البخاري : لم يسمع حبيب من عروة بن الزبير شيئا ، وقد أخرج البزار وإسحاق بن راهويه هذا الحديث في ترجمة عروة بن الزبير ، عن عائشة ; فإن كان عروة هو المزني فهو مجهول ، وإن كان ابن الزبير فالإسناد منقطع ; لأن حبيب بن أبي ثابت مدلس ، وقد روى الحاكم من حديث ابن أبي مليكة ، عن عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حبيش : { ثم لتغتسل في كل يوم غسلا ، ثم الطهور عند كل صلاة }ولأصحاب السنن سوى النسائي من طريق عدي بن ثابت ، عن أبيه ، عن جده مرفوعا : { أنه أمر المستحاضة ، تدع الصلاة أيام أقرائها ، ثم تغتسل ، والوضوء عند كل صلاة }وإسناده ضعيف . وعن جابر : { أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة بالوضوء لكل صلاة . }رواه أبو يعلى بإسناد ضعيف . ومن طريقه البيهقي ، وعن سودة بنت زمعة نحوه ، رواه الطبراني .

حديث : { أنه صلى الله عليه وسلم قال لحمنة بنت جحش : أنعت لك الكرسف قالت : هو أكثر من ذلك ، قال : فاتخذي ثوبا } ، الحديث تقدم في أوائل الباب . حديث عائشة : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش الحديث كما تقدم في الرواية [ ص: 298 ] الماضية ، دون قوله : وتوضئي " قال : أخرجناه في الصحيحين ، وهو كما قال كما تقدم .

233 - ( 11 ) - حديث : { أنه صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة بنت أبي حبيش : إن دم الحيض أسود يعرف ; وإن له رائحة ; فإذا كان ذلك فدعي الصلاة ، وإذا كان الآخر فاغتسلي وصلي } أبو داود والنسائي من حديث عروة ، عن فاطمة بنت أبي حبيش به ، وزاد النسائي { فإنما هو عرق إلا أنه ليس عندهما : إن له رائحة } ، وكذا رواه ابن حبان والحاكم .

( تنبيه ) وقع في الوسيط تبعا للنهاية زيادة بعد قوله : { فإنما هو عرق انقطع } ، وأنكر قوله : انقطع " ابن الصلاح والنووي ، وابن الرفعة ، وهي موجودة في سنن الدارقطني والحاكم ، والبيهقي من طريق ابن أبي مليكة : جاءت خالتي فاطمة بنت أبي حبيش إلى عائشة فذكر الحديث . وفيه : { فإنما هو داء عرض ، أو ركضة من الشيطان ، أو عرق انقطع }. قوله : ورد في صفته أنه أسود محتدم بحراني ذو دفعات ، هذا تبع فيه الغزالي وهو تبع الإمام ، وفي تاريخ العقيلي عن عائشة نحوه ، قالت : دم الحيض أحمر بحراني ، ودم الاستحاضة كغسالة اللحم . وضعفه ، والصفة المذكورة وقعت في كلام الشافعي في الأم . قوله : وورد في صفته أنه أحمر رقيق مشرق . لم أجده بل روى الدارقطني [ ص: 299 ] والبيهقي ، والطبراني من حديث أبي أمامة مرفوعا : { دم الحيض أسود خائر تعلوه حمرة ، ودم الاستحاضة أصفر رقيق }وفي رواية : { ودم الحيض لا يكون إلا أسود غليظا تعلوه حمرة ، ودم الاستحاضة دم رقيق تعلوه صفرة }.

234 - ( 21 ) - حديث أم سلمة : { أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستفتيت لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لتنظر عدد الأيام والليالي التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها ، فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر ، فإذا خلفت ذلك فلتطهر ، ثم لتستثفر بثوب ثم لتصل } مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، وغيره من حديث سليمان بن يسار عنها ، قال النووي : إسناده على شرطهما ، وقال البيهقي : هو حديث مشهور ; إلا أن سليمان لم يسمعه منها ، وفي رواية لأبي داود عن سليمان : أن رجلا أخبره ، عن أم سلمة ، وللدارقطني عن سليمان : { أن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت فأمرت أم سلمة . . . }وقال المنذري : لم يسمعه سليمان . وقد رواه موسى بن عقبة ، عن [ ص: 300 ] نافع ، عن سليمان ، عن مرجانة عنها ، وساقه الدارقطني من طريق صخر بن جويرية ، عن نافع ، عن سليمان : أنه حدثه رجل عنها .

235 - ( 31 ) - حديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { دعي الصلاة أيام أقرائك } أبو داود ، والنسائي من حديث { فاطمة بنت أبي حبيش أنها شكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الدم ، فقال : إذا أتاك قرؤك فلا تصلي ، وإذا مر قرؤك فتطهري ، ثم صلي ما بين القرء إلى القرء }ورواه النسائي من حديث الزهري ، عن عمرة ، عن عائشة : { أن أم حبيبة كانت تستحاض ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تترك الصلاة قدر أقرائها وحيضها }ورواه ابن حبان من طريق هشام ، عن أبيه ، عنها بنحوه . ورواه البيهقي موقوفا ، والطبراني في الصغير مرفوعا ، من طريق قمير امرأة مسروق عنها بنحوه ، وزاد : { إلى مثل أيام أقرائها }. ورواه الدارقطني من طرق عن أم سلمة ، وهو في أبي داود كما تقدم ، ورواه الدارمي من حديث عدي بن ثابت ، عن أبيه ، عن جده ، وهو في الترمذي وأبي داود وابن ماجه ، ولفظه : [ ص: 301 ] { في المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها التي كانت تحيض ، ثم تغتسل وتصلي }وإسناده ضعيف . وفي الباب عن سودة بنت زمعة نحوه ، وزاد { ثم تتوضأ لكل صلاة }. رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه عن جابر نحوه .

التالي السابق


الخدمات العلمية