الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
256 - ( 14 ) - حديث : { لا يغرنكم الفجر المستطيل ، فكلوا واشربوا حتى يطلع الفجر المستطير } الترمذي من حديث سمرة بلفظ : { لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ، ولا الفجر المستطيل ، ولكن الفجر المستطير في الأفق }وهو في صحيح مسلم بألفاظ ، منها : { لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ، ولا بياض الأفق المستطيل هكذا ، حتى يستطير }. ولفظ الترمذي أقرب إلى سياق [ ص: 317 ] المصنف .

ورواه الطحاوي من حديث أنس مختصرا ، وفي الصحيحين عن ابن مسعود : { إن الفجر ليس الذي يقول هكذا }وجمع أصابعه ثم نكسها إلى الأرض ، { ولكن الذي يقول هكذا ووضع المسبحة على المسبحة ومد يده }. زاد البخاري : عن يمينه وشماله ، وله ألفاظ .

وروى أبو داود والترمذي والدارقطني من حديث قيس بن طلق بن علي ، عن أبيه بلفظ : { كلوا واشربوا ، ولا يهيدنكم - وفي لفظ - ولا يغرنكم الساطع المصعد ، وكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر }وروى الدارقطني من حديث عبد الرحمن بن عائش : { الفجر فجران ، فأما المستطيل في السماء فلا يمنعنا السحور ، ولا يحل فيه الصلاة ، فإذا اعترض فقد حرم الطعام وحلت الغداة الصلاة }. ورواه الحاكم من حديث محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن جابر بلفظ : { الفجر فجران فأما الذي يكون كذنب السرحان فلا يحل الصلاة ولا يحرم الطعام ، وأما الذي يذهب مستطيلا في الأفق فإنه يحل الصلاة ويحرم الطعام }قال البيهقي : روي موصولا ومرسلا ، والمرسل أصح ، والمرسل الذي أشار إليه أخرجه أبو داود في المراسيل والدارقطني ، من حديث [ ص: 318 ] محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وغلط القنازعي في شرح الموطأ فزعم أنه من رواية ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم . ورواه ابن خزيمة والدارقطني والحاكم من حديث ابن عباس مثله ، قال الدارقطني : لم يرفعه غير أبي أحمد الزبيري ، عن الثوري ، عن ابن جريج ، ووقفه الفريابي وغيره عن الثوري ، ووقفه أصحاب ابن جريج عنه أيضا ، ورواه الأزهري في كتاب معرفة وقت الصبح من حديث ابن عباس موقوفا بلفظ : ليس الفجر الذي يسطع في السماء ولكن الفجر الذي ينتشر على وجوه الرجال " .

حديث : { من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح }تقدم في أوائل الباب .

257 - ( 15 ) - حديث ابن عمر : { إن بلالا يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم }متفق عليه واتفقا عليه من حديث عائشة . [ ص: 319 ] وفي الباب عن ابن مسعود ، وسمرة ، صححهما ابن خزيمة ، وفيه : عن أنس وأبي ذر أيضا .

( تنبيه ) :

روى أحمد ، وابن خزيمة ، وابن حبان ، من حديث أنيسة بنت خبيب هذا الحديث بلفظ : { إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال }وروى ابن خزيمة عن عائشة مثله ، وقال : إن صح هذا الخبر فيحتمل أن يكون الأذان كان بين بلال وابن أم مكتوم نوبا ، فكان بلال إذا كانت نوبته - يعني السابقة - أذن بليل ، وكان ابن أم مكتوم كذلك ، ويقوي ذلك رواية للدراوردي ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة أخرجها ابن خزيمة أيضا ، قال : وروى أيضا أبو إسحاق ، عن الأسود ، عن عائشة ، قال : وفيه نظر ; لأني لا أقف على سماع أبي إسحاق هذا الخبر من الأسود ، وتجاسر ابن حبان فجزم بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان جعل الأذان بينهما نوبا ، وأنكر ذلك عليه الضياء المقدسي ، وأما ابن عبد البر ، وابن الجوزي ، وتبعهما المزي : فحكموا على حديث أنيسة بالوهم وأنه مقلوب .

( فائدة ) :

قال البيهقي : الأذان للصبح بالليل صحيح ثابت عند أهل العلم بالحديث ، وحمله الحنفية على النداء لغير الصلاة ، واحتجوا للمنع بما رواه أبو داود من حديث حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر : { أن بلالا أذن قبل طلوع الفجر ، أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادي ألا إن العبد نام } [ ص: 320 ] قال علي بن المديني : هو غير محفوظ أخطأ فيه حماد بن سلمة ، انتهى . وقد تابعه سعيد بن زربي عن أيوب وهو ضعيف ، والمعروف عن نافع ، عن ابن عمر : كان لعمر مؤذن يقال له : مسروح . قال أبو داود : هو أصح . ورواه الدارقطني من طريق أبي يوسف القاضي ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس ، قال الدارقطني : تفرد به أبو يوسف ، وأرسله غيره ، والمرسل أصح .

وروى أبو داود عن شداد مولى عياض : { عن بلال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر }.

التالي السابق


الخدمات العلمية