الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3710 403 - حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا غندر ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق قال : سمعت البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : أول من قدم علينا مصعب بن عمير ، وابن أم مكتوم ، وكانا يقرئان الناس فقدم بلال ، وسعد ، وعمار بن ياسر ، ثم قدم عمر بن الخطاب في عشرين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جعل الإماء يقلن : قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما قدم حتى قرأت سبح اسم ربك الأعلى في سور من المفصل .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وغندر بضم الغين محمد بن جعفر ، وأبو إسحاق قد مر الآن .

                                                                                                                                                                                  ( فإن قلت ) : جزم موسى بن عقبة بأن أول من قدم المدينة من المهاجرين مطلقا أبو سلمة بن عبد الأسد ، وهنا أول من قدم مصعب ؟ ( قلت ) : قد يجمع بينهما بأن أبا سلمة خرج لا لقصد الإقامة بالمدينة ، بل فرارا من المشركين ، بخلاف مصعب بن عمير فإنه خرج إليها للإقامة بها ، وتعليم من أسلم من أهلها بأمر النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - فلكل منهما أولية من جهة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وكانا يقرئان الناس " : أي مصعب وابن أم مكتوم ، وفي أكثر النسخ : وكانوا يقرئون الناس بصيغة الجمع بعد ذكر اثنين ، وفي رواية الحاكم : وكانوا يقرئوننا . قوله : " وسعد " هو ابن أبي وقاص أحد العشرة المبشرة . قوله : " ثم قدم عمر بن الخطاب في عشرين من أصحاب النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - " ذكر ابن إسحاق منهم زيد بن الخطاب ، وسعيد بن زيد بن عمرو ، وعبد الله ابني سراقة ، وخنيس بن حذافة ، وواقد بن عبد الله ، وخولي بن أبي خولي ، ومالك بن أبي خولي ، وأخاه هلالا وعياش بن أبي ربيعة ، وخالدا وإياسا وعامرا وعاقلا من بني البكير ، قال : فنزلوا جميعا : أي هؤلاء الثلاثة عشر على رفاعة بن المنذر ، وروى ابن عائذ في المغازي بإسناد له ، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : خرج عمر ، والزبير ، وطلحة ، وعثمان ، وعياش بن أبي ربيعة في طائفة ، فتوجه عثمان وطلحة إلى الشام انتهى .

                                                                                                                                                                                  وذكر موسى بن عقبة أن أكثر المهاجرين نزلوا على بني عمرو بن عوف بقباء إلا عبد الرحمن بن عوف ، فإنه نزل على سعد بن الربيع وهو خزرجي . قوله : " فرحهم " منصوب بنزع الخافض : أي كفرحهم . قوله : " حتى جعل الإماء " جمع أمة ، وفي رواية الحاكم من طريق إسحاق بن أبي طلحة ، عن أنس ، فخرجت جوار من بني النجار يضربن بالدف ، وهن يقلن :


                                                                                                                                                                                  نحن جوار من بني النجار يا حبذا محمد أمن جار

                                                                                                                                                                                  وفي شرف المصطفى لما دخل النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - جعل الولائد يقلن :


                                                                                                                                                                                  طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
                                                                                                                                                                                  وجب الشكر علينا ما دعا لله داع

                                                                                                                                                                                  [ ص: 61 ] قوله : " في سور من المفصل " : أي مع سور من المفصل ، وهو السبع الأخير من القرآن ، فإن قلت : قوله : " حتى قرأت : سبح اسم ربك الأعلى " يدل على أنها نزلت بمكة ، وذكروا أن قوله تعالى : قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى نزلت في صلاة العيد ، وصدقة الفطر في السنة الثانية من الهجرة ؟ قلت : لا يبعد أن تكون السورة مكية ، وتكون الآيتان مدنيتان ، وجواب آخر ، وهو الأوجه : أن نزول السورة كلها كان بمكة ، ولكن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - بين أن المراد من الآيتين صلاة العيد وصدقة الفطر ، ولا شك أن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - مبين للشرائع والأحكام .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية