الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3702 395 - حدثنا يحيى بن بشر ، حدثنا روح ، حدثنا عوف ، عن معاوية بن قرة قال : حدثني أبو بردة بن أبي موسى الأشعري قال : قال لي عبد الله بن عمر : هل تدري ما قال أبي لأبيك قال : قلت : لا ، قال : فإن أبي قال لأبيك: يا أبا موسى ، هل يسرك إسلامنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهجرتنا معه [ ص: 55 ] وجهادنا معه ، وعملنا كلنا معه برد لنا ، وأن كل عمل عملناه بعده نجونا منه كفافا رأسا برأس ، فقال أبي : لا والله ، قد جاهدنا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصلينا ، وصمنا وعملنا خيرا كثيرا ، وأسلم على أيدينا بشر كثير ، وإنا لنرجو ذلك ، فقال أبي : لكني أنا ، والذي نفس عمر بيده لوددت أن ذلك برد لنا ، وأن كل شيء عملناه بعد نجونا منه كفافا رأسا برأس ، فقلت : إن أباك والله خير من أبي .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " وهجرتنا معه " ، ويحيى بن بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة ، أبو زكريا البلخي ، وكان من عباد الله الصالحين ، وروح بفتح الراء ابن عبادة بضم العين ، وعوف هو الأعرابي ، وأبو بردة بضم الباء الموحدة اسمه عامر ، وأبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وعملنا كلنا " ، ويروى كله . قوله : " برد بلفظ الماضي " : أي ثبت وسلم لنا ، يقال : " برد لي على الغريم حق " : أي ثبت ، ويقال : ما برد على فلان فعلي ، وفي رواية سعيد بن بردة خلص بدل برد . قوله : " كفافا " : أي سواء بسواء ، كذا فسره بعضهم ، وقال الكرماني : أي لا لي ولا علي : أي لا موجبا للثواب ولا للعقاب ، ( قلت ) : التحقيق فيه أن الكفاف هو الذي لا يفضل عن الشيء ، ويكون بقدر الحاجة ، وهو نصب على الحال ، وقيل : أراد به مكفوفا عني شرها ، وقيل : معناه أن لا ينال مني ولا أنال منه : أي يكف عني وأكف عنه .

                                                                                                                                                                                  قوله : " فقال أبي : لا والله " كذا وقع ، والصواب فقال أبوك : لأن ابن عمر هو الذي يحكي لأبي بردة ما دار بين عمر وأبي موسى ، وقد وقع في رواية النسفي على الصواب ، ولفظه : فقال أبوك : لا والله . قوله : " فقال أبي لكني إلى آخره " كلام عمر رضي الله تعالى عنه ، وهذا ليس قطعا للرجاء ، وإنما قال عمر رضي الله تعالى عنه ما قال ; هضما لنفسه ، أو لما رأى أن الإنسان لا يخلو عن تقصير ما في كل خير يعمله ، أراد أن يقع التقاص بينهما ، ويبقى هو في الدين سالما . قوله : " فقلت " القائل هو أبو بردة خاطب بذلك ابن عمر . قوله : " خير من أبي " ، وفي رواية سعيد بن أبي بردة أفقه من أبي .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية