فصل
nindex.php?page=treesubj&link=30523_21482_30528جريمة القتل
ولما كانت مفسدة القتل هذه المفسدة ، قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=32من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا [ سورة المائدة : 32 ] .
وقد أشكل فهم هذا على كثير من الناس ، وقال : معلوم أن إثم قاتل مائة أعظم عند الله من إثم قاتل نفس واحدة ، وإنما أتوه من ظنهم أن التشبيه في مقدار الإثم والعقوبة ، واللفظ لم يدل على هذا ، ولا يلزم من تشبيه الشيء بالشيء أخذه بجميع أحكامه .
وقد قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=46كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها [ سورة النازعات : 46 ] .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=35كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار [ سورة الأحقاف : 35 ] .
وذلك لا يوجب أن لبثهم في الدنيا إنما كان هذا المقدار .
وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949476من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ، ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله ، أي : مع العشاء كما جاء في لفظ آخر ، وأصرح من هذا قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949477من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949478من قرأ " nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قل هو الله أحد " فكأنما قرأ ثلث القرآن ، ومعلوم أن ثواب فاعل هذه الأشياء لم يبلغ ثواب المشبه به ، فيكون قدرهما سواء ، ولو كان قدر الثواب سواء لم يكن لمصلي العشاء والفجر جماعة في قيام الليل منفعة غير التعب والنصب ، وما أوتي أحد - بعد الإيمان - أفضل من الفهم عن الله ورسوله ، صلى الله عليه وسلم . وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
فإن قيل : ففي أي شيء وقع التشبيه بين قاتل نفس واحدة وقاتل الناس جميعا ؟
قيل : في وجوه متعددة :
أحدها : أن كلا منهما عاص لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - مخالف لأمره متعرض لعقوبته ، وكل منهما قد باء بغضب من الله ولعنته ، واستحقاق الخلود في نار جهنم ، وإعداده عذابا عظيما ، وإنما التفاوت في درجات العذاب ، فليس إثم من قتل نبيا أو إماما عادلا أو عالما يأمر الناس بالقسط ، كإثم من قتل من لا مزية له من آحاد الناس .
[ ص: 149 ] الثاني : أنهما سواء في استحقاق إزهاق النفس .
الثالث : أنهما سواء في الجراءة على سفك الدم الحرام ، فإن من قتل نفسا بغير استحقاق ، بل لمجرد الفساد في الأرض ، أو لأخذ ماله : فإنه يجترئ على قتل كل من ظفر به وأمكنه قتله ، فهو معاد للنوع الإنساني .
ومنها : أنه يسمى قاتلا أو فاسقا أو ظالما أو عاصيا بقتله واحدا ، كما يسمى كذلك بقتله الناس جميعا .
ومنها : أن الله سبحانه جعل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتواصلهم كالجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ، فإذا أتلف القاتل من هذا الجسد عضوا ، فكأنما أتلف سائر الجسد ، وآلم جميع أعضائه ، فمن آذى مؤمنا واحدا فكأنما آذى جميع المؤمنين ، وفي أذى جميع المؤمنين أذى جميع الناس ، فإن الله إنما يدافع عن الناس بالمؤمنين الذين بينهم ، فإيذاء الخفير إيذاء المخفور ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949479لا تقتل نفس ظلما بغير حق ، إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها ؛ لأنه أول من سن القتل .
ولم يجئ هذا الوعيد في أول زان ولا أول سارق ولا أول شارب مسكر ، وإن كان أول المشركين قد يكون أولى بذلك من أول قاتل ؛ لأنه أول من سن الشرك ؛ ولهذا رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -
عمرو بن لحي الخزاعي يعذب أعظم العذاب في النار ، لأنه أول من غير دين
إبراهيم عليه السلام .
وقد قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41ولا تكونوا أول كافر به [ سورة البقرة : 41 ] .
أي فيقتدي بكم من بعدكم ، فيكون إثم كفره عليكم ، وكذلك حكم من سن سنة سيئة فاتبع عليها .
وفي جامع
الترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949480يجيء المقتول يوم القيامة ، ناصيته ورأسه بيده ، وأوداجه تشخب دما ، يقول : يا رب سل هذا فيم قتلني ؟ فذكروا
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس التوبة ، فتلا هذه الآية :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=93ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها [ سورة النساء : 93 ] .
ثم قال : ما نسخت هذه الآية ولا بدلت ، وأنى له التوبة ؟ قال
الترمذي : هذا حديث حسن .
[ ص: 150 ] وفيه أيضا عن
نافع قال : نظر
عبد الله بن عمر يوما إلى الكعبة ، فقال : ما أعظمك وأعظم حرمتك ، والمؤمن عند الله أعظم حرمة منك ، قال
الترمذي : هذا حديث حسن .
وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة بن جندب قال : أول ما ينتن من الإنسان بطنه ، فمن استطاع منكم أن لا يأكل إلا طيبا فليفعل ، ومن استطاع أن لا يحول بينه وبين الجنة ملء كف من دم أهراقه فليفعل .
وفي صحيحه أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949481لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها : سفك الدم الحرام بغير حله .
وفي الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة يرفعه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949482سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر .
وفيهما أيضا عنه - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=949483لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض .
وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عنه - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949484من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما .
هذه
nindex.php?page=treesubj&link=32685عقوبة قاتل عدو الله إذا كان في عهده وأمانه ، فكيف عقوبة قاتل عبده المؤمن ؟ وإذا كانت امرأة قد دخلت النار في هرة حبستها حتى ماتت جوعا وعطشا ، فرآها النبي - صلى الله عليه وسلم - في النار والهرة تخدشها في وجهها وصدرها ، فكيف عقوبة من حبس مؤمنا حتى مات بغير جرم ؟ وفي بعض السنن عنه - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949485لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق .
فَصْلٌ
nindex.php?page=treesubj&link=30523_21482_30528جَرِيمَةُ الْقَتْلِ
وَلَمَّا كَانَتْ مَفْسَدَةُ الْقَتْلِ هَذِهِ الْمَفْسَدَةَ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=32مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا [ سُورَةُ الْمَائِدَةِ : 32 ] .
وَقَدْ أَشْكَلَ فَهْمُ هَذَا عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ ، وَقَالَ : مَعْلُومٌ أَنَّ إِثْمَ قَاتِلِ مِائَةٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ إِثْمِ قَاتِلِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ، وَإِنَّمَا أَتَوْهُ مِنْ ظَنِّهِمْ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي مِقْدَارِ الْإِثْمِ وَالْعُقُوبَةِ ، وَاللَّفْظُ لَمْ يَدُلَّ عَلَى هَذَا ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَشْبِيهِ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ أَخْذُهُ بِجَمِيعِ أَحْكَامِهِ .
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=46كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا [ سُورَةُ النَّازِعَاتِ : 46 ] .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=35كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ [ سُورَةُ الْأَحْقَافِ : 35 ] .
وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ أَنَّ لُبْثَهُمْ فِي الدُّنْيَا إِنَّمَا كَانَ هَذَا الْمِقْدَارَ .
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949476مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ ، وَمَنْ صَلَّى الْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ اللَّيْلَ كُلَّهُ ، أَيْ : مَعَ الْعِشَاءِ كَمَا جَاءَ فِي لَفْظٍ آخَرَ ، وَأَصْرَحُ مِنْ هَذَا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949477مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949478مَنْ قَرَأَ " nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ ثَوَابَ فَاعِلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَمْ يَبْلُغْ ثَوَابَ الْمُشَبَّهِ بِهِ ، فَيَكُونُ قَدْرُهُمَا سَوَاءً ، وَلَوْ كَانَ قَدْرُ الثَّوَابِ سَوَاءً لَمْ يَكُنْ لِمُصَلِّي الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ جَمَاعَةً فِي قِيَامِ اللَّيْلِ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ التَّعَبِ وَالنَّصَبِ ، وَمَا أُوتِيَ أَحَدٌ - بَعْدَ الْإِيمَانِ - أَفْضَلَ مِنَ الْفَهْمِ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ .
فَإِنْ قِيلَ : فَفِي أَيِّ شَيْءٍ وَقَعَ التَّشْبِيهُ بَيْنَ قَاتِلِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَقَاتِلِ النَّاسِ جَمِيعًا ؟
قِيلَ : فِي وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَاصٍ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُخَالِفٌ لِأَمْرِهِ مُتَعَرِّضٌ لِعُقُوبَتِهِ ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَلَعْنَتِهِ ، وَاسْتِحْقَاقِ الْخُلُودِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ، وَإِعْدَادِهِ عَذَابًا عَظِيمًا ، وَإِنَّمَا التَّفَاوُتُ فِي دَرَجَاتِ الْعَذَابِ ، فَلَيْسَ إِثْمُ مَنْ قَتَلَ نَبِيًّا أَوْ إِمَامًا عَادِلًا أَوْ عَالِمًا يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْقِسْطِ ، كَإِثْمِ مَنْ قَتَلَ مَنْ لَا مَزِيَّةَ لَهُ مِنْ آحَادِ النَّاسِ .
[ ص: 149 ] الثَّانِي : أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي اسْتِحْقَاقِ إِزْهَاقِ النَّفْسِ .
الثَّالِثُ : أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْجَرَاءَةِ عَلَى سَفْكِ الدَّمِ الْحَرَامِ ، فَإِنَّ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ ، بَلْ لِمُجَرَّدِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ ، أَوْ لِأَخْذِ مَالِهِ : فَإِنَّهُ يَجْتَرِئُ عَلَى قَتْلِ كُلِّ مَنْ ظَفَرَ بِهِ وَأَمْكَنَهُ قَتْلُهُ ، فَهُوَ مُعَادٍ لِلنَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ .
وَمِنْهَا : أَنَّهُ يُسَمَّى قَاتِلًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ ظَالِمًا أَوْ عَاصِيًا بِقَتْلِهِ وَاحِدًا ، كَمَا يُسَمَّى كَذَلِكَ بِقَتْلِهِ النَّاسَ جَمِيعًا .
وَمِنْهَا : أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَوَاصُلِهِمْ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ ، فَإِذَا أَتْلَفَ الْقَاتِلُ مِنْ هَذَا الْجَسَدِ عُضْوًا ، فَكَأَنَّمَا أَتْلَفَ سَائِرَ الْجَسَدِ ، وَآلَمَ جَمِيعَ أَعْضَائِهِ ، فَمَنْ آذَى مُؤْمِنًا وَاحِدًا فَكَأَنَّمَا آذَى جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَفِي أَذَى جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ أَذَى جَمِيعِ النَّاسِ ، فَإِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا يُدَافِعُ عَنِ النَّاسِ بِالْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ بَيْنَهُمْ ، فَإِيذَاءُ الْخَفِيرِ إِيذَاءُ الْمَخْفُورِ ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949479لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ ، إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْهَا ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ .
وَلَمْ يَجِئْ هَذَا الْوَعِيدُ فِي أَوَّلِ زَانٍ وَلَا أَوَّلِ سَارِقٍ وَلَا أَوَّلِ شَارِبِ مُسْكِرٍ ، وَإِنْ كَانَ أَوَّلُ الْمُشْرِكِينَ قَدْ يَكُونُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ قَاتِلٍ ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الشِّرْكَ ؛ وَلِهَذَا رَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
عَمْرَو بْنَ لَحْيٍ الْخُزَاعِيَّ يُعَذَّبُ أَعْظَمَ الْعَذَابِ فِي النَّارِ ، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَيَّرَ دِينَ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ [ سُورَةُ الْبَقَرَةِ : 41 ] .
أَيْ فَيَقْتَدِي بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ ، فَيَكُونُ إِثْمُ كَفْرِهِ عَلَيْكُمْ ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا .
وَفِي جَامِعِ
التِّرْمِذِيِّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949480يَجِيءُ الْمَقْتُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، نَاصِيَتُهُ وَرَأْسُهُ بِيَدِهِ ، وَأَوْدَاجُهُ تَشْخَبُ دَمًا ، يَقُولُ : يَا رَبِّ سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي ؟ فَذَكَرُوا
nindex.php?page=showalam&ids=11لِابْنِ عَبَّاسٍ التَّوْبَةَ ، فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=93وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا [ سُورَةُ النِّسَاءِ : 93 ] .
ثُمَّ قَالَ : مَا نُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا بُدِّلَتْ ، وَأَنَّى لَهُ التَّوْبَةُ ؟ قَالَ
التِّرْمِذِيُّ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ .
[ ص: 150 ] وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ
نَافِعٍ قَالَ : نَظَرَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَوْمًا إِلَى الْكَعْبَةِ ، فَقَالَ : مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ ، وَالْمُؤْمِنُ عِنْدَ اللَّهِ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنْكِ ، قَالَ
التِّرْمِذِيُّ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ .
وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=24سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ : أَوَّلُ مَا يُنْتِنُ مِنَ الْإِنْسَانِ بَطْنُهُ ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يَأْكُلَ إِلَّا طَيِّبًا فَلْيَفْعَلْ ، وَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ مِلْءُ كَفٍّ مِنْ دَمٍ أَهْرَاقَهُ فَلْيَفْعَلْ .
وَفِي صَحِيحِهِ أَيْضًا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949481لَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا .
وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ أَيْضًا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ قَالَ : مِنْ وَرَطَاتِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا : سَفْكُ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949482سِبَابُ الْمُؤْمِنِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ .
وَفِيهِمَا أَيْضًا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=949483لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ .
وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949484مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يُرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا .
هَذِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=32685عُقُوبَةُ قَاتِلِ عَدُوِّ اللَّهِ إِذَا كَانَ فِي عَهْدِهِ وَأَمَانِهِ ، فَكَيْفَ عُقُوبَةُ قَاتِلِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ ؟ وَإِذَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَدْ دَخَلَتِ النَّارَ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا وَعَطَشًا ، فَرَآهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّارِ وَالْهِرَّةُ تَخْدِشُهَا فِي وَجْهِهَا وَصَدْرِهَا ، فَكَيْفَ عُقُوبَةُ مَنْ حَبَسَ مُؤْمِنًا حَتَّى مَاتَ بِغَيْرِ جُرْمٍ ؟ وَفِي بَعْضِ السُّنَنِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949485لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ .