فصل
nindex.php?page=treesubj&link=10455عقوبة اللواط
ولما كانت مفسدة اللواط من أعظم المفاسد ؛ كانت عقوبته في الدنيا والآخرة من أعظم العقوبات .
وقد اختلف الناس : هل هو أغلظ عقوبة من الزنى ، أو الزنى أغلظ عقوبة منه ، أو عقوبتهما سواء ؟ على ثلاثة أقوال :
فذهب
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب ،
nindex.php?page=showalam&ids=22وخالد بن الوليد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16414وعبد الله بن الزبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وعبد الله بن عباس ،
وخالد بن زيد ،
وعبد الله بن معمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=15885وربيعة بن أبي عبد الرحمن ،
ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه ، والإمام
أحمد - في أصح الروايتين عنه -
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي - في أحد قوليه - إلى أن عقوبته أغلظ من عقوبة الزنى ، وعقوبته القتل على كل حال ، محصنا كان أو غير محصن .
وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي - في ظاهر مذهبه - ، والإمام
أحمد - في الرواية الثانية عنه - ،
وأبو يوسف ،
ومحمد : إلى أن عقوبته وعقوبة الزاني سواء .
وذهب
الحاكم وأبو حنيفة إلى أن عقوبته دون عقوبة الزاني ، وهي التعزير .
قالوا : لأنه معصية من المعاصي لم يقدر الله ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيه حدا مقدرا ، فكان فيه التعزير ، كأكل الميتة والدم ولحم الخنزير .
قالوا : ولأنه وطء في محل لا تشتهيه الطباع ، بل ركبها الله تعالى على النفرة منه حتى الحيوان البهيم ، فلم يكن فيه حد كوطء الأتان وغيرها .
قالوا : ولأنه لا يسمى زانيا لغة ولا شرعا ولا عرفا ، فلا يدخل في النصوص الدالة على حد الزانين .
[ ص: 169 ] قالوا : وقد رأينا قواعد الشريعة ، أن المعصية إذا كان الوازع عنها طبيعيا اكتفي بذلك الوازع من الحد ، وإذا كان في الطباع تقاضيها ، جعل في الحد بحسب اقتضاء الطباع لها ، ولهذا جعل الحد في الزنى والسرقة وشرب المسكر دون أكل الميتة والدم ولحم الخنزير .
قالوا : وطرد هذا ، أنه لا حد في وطء البهيمة ولا الميتة ، وقد جبل الله سبحانه الطباع على النفرة من وطء الرجل رجلا مثله أشد نفرة ، كما جبلها على النفرة من استدعاء الرجل من يطؤه بخلاف الزنى ، فإن الداعي فيه من الجانبين .
قالوا : ولأن أحد النوعين إذا استمتع بشكله لم يجب عليه الحد ، كما تساحقت المرأتان واستمتعت كل واحدة منهما بالأخرى .
قال أصحاب القول الأول : وهو جمهور الأمة ، وحكاه غير واحد إجماعا للصحابة ، ليس في المعاصي أعظم مفسدة من هذه المفسدة ، وهي تلي مفسدة الكفر ، وربما كانت أعظم من مفسدة القتل ، كما سنبينه إن شاء الله تعالى .
قالوا : ولم يبتل الله تعالى بهذه الكبيرة قبل
قوم لوط أحدا من العالمين ، وعاقبهم عقوبة لم يعاقب بها أحدا غيرهم ، وجمع عليهم من أنواع العقوبات بين الإهلاك ، وقلب ديارهم عليهم ، والخسف بهم ، ورجمهم بالحجارة من السماء ، فنكل بهم نكالا لم ينكله أمة سواهم ، وذلك لعظم مفسدة هذه الجريمة التي تكاد الأرض تميد من جوانبها إذا عملت عليها ، وتهرب الملائكة إلى أقطار السماوات والأرض إذا شاهدوها ، خشية نزول العذاب على أهلها ، فيصيبهم معهم ، وتعج الأرض إلى ربها تبارك وتعالى ، وتكاد الجبال تزول عن أماكنها ، وقتل المفعول به خير له من وطئه ، فإنه إذا وطئه قتله قتلا لا ترجى الحياة معه بخلاف قتله فإنه مظلوم شهيد ، وربما ينتفع به في آخرته .
قالوا : والدليل على هذا : أن الله سبحانه جعل حد القاتل إلى خيرة الولي ، إن شاء قتل وإن شاء عفا ، وحتم قتل اللوطي حدا ، كما أجمع عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ودلت عليه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصريحة التي لا معارض لها ، بل عليها عمل أصحابه وخلفائه الراشدين - رضي الله عنهم أجمعين - .
وقد ثبت عن
nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد : أنه وجد في بعض ضواحي العرب رجلا ينكح كما تنكح المرأة ، فكتب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - فاستشار
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق الصحابة - رضي الله عنهم - فكان
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب أشدهم قولا فيه ، فقال : ما فعل هذا إلا أمة من الأمم واحدة ، وقد علمتم ما فعل الله بها ، أرى أن يحرق بالنار ، فكتب
أبو بكر إلى
خالد فحرقه .
[ ص: 170 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس : ينظر أعلى بناء في القرية ، فيرمى اللوطي منها منكبا ، ثم يتبع بالحجارة .
وأخذ
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس هذا الحد من عقوبة الله
قوم لوط ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس هو الذي روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949513من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به .
رواه أهل السنن وصححه
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان وغيره ، واحتج الإمام
أحمد بهذا الحديث ، وإسناده على شرط
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
قالوا : وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949514لعن الله من عمل عمل قوم لوط ، لعن الله من عمل عمل قوم لوط ، لعن الله من عمل عمل قوم لوط ولم يجئ عنه لعنة الزاني ثلاث مرات في حديث واحد ، وقد
nindex.php?page=treesubj&link=19061لعن جماعة من أهل الكبائر ، فلم يتجاوز بهم في اللعن مرة واحدة ، وكرر لعن اللوطية ، وأكده ثلاث مرات ، وأطبق أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قتله ، لم يختلف منهم فيه رجلان ، وإنما اختلفت أقوالهم في صفة قتله ، فظن الناس أن ذلك اختلافا منهم في قتله ، فحكاها مسألة نزاع بين الصحابة ، وهي بينهم مسألة إجماع لا مسألة نزاع .
قالوا : ومن تأمل قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=32ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا [ سورة الإسراء : 32 ] .
وقوله في اللواط :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=80nindex.php?page=treesubj&link=28978_32626أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين [ سورة الأعراف : 80 ] .
تبين له تفاوت ما بينهما ، وأنه سبحانه نكر الفاحشة في الزنى ، أي هو فاحشة من الفواحش ، وعرفها في اللواط ، وذلك يفيد أنه جامع لمعاني اسم الفاحشة ، كما تقول : زيد الرجل ، ونعم الرجل زيد ، أي أتأتون الخصلة التي استقر فحشها عند كل أحد ، فهي لظهور فحشها وكماله غنية عن ذكرها ، بحيث لا ينصرف الاسم إلى غيرها ، وهذا نظير قول
فرعون لموسى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=19وفعلت فعلتك التي فعلت [ سورة الشعراء : 19 ] .
أي الفعلة الشنعاء الظاهرة المعلومة لكل أحد .
ثم أكد سبحانه شأن فحشها بأنها لم يعملها أحد من العالمين قبلهم ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=80ما سبقكم بها من أحد من العالمين ، ثم زاد في التأكيد بأن صرح بما تشمئز منه القلوب ، وتنبو
[ ص: 171 ] عنه الأسماع ، وتنفر منه الطباع أشد نفرة ، وهو إتيان الرجل رجلا مثله ينكحه كما ينكح الأنثى ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=81إنكم لتأتون الرجال [ سورة الأعراف : 81 ] .
ثم نبه على استغنائهم عن ذلك ، وأن الحامل لهم عليه ليس إلا مجرد الشهوة لا الحاجة التي لأجلها مال الذكر إلى الأنثى ، ومن قضاء الوطر ولذة الاستمتاع ، وحصول المودة والرحمة التي تنسى المرأة لها أبويها ، وتذكر بعلها ، وحصول النسل الذي هو حفظ هذا النوع الذي هو أشرف المخلوقات ، وتحصين المرأة وقضاء وطرها ، وحصول علاقة المصاهرة التي هي أخت النسب ، وقيام الرجال على النساء ، وخروج أحب الخلق إلى الله من جماعهن كالأنبياء والأولياء والمؤمنين ، ومكاثرة النبي - صلى الله عليه وسلم - الأنبياء بأمته إلى غير ذلك من مصالح النكاح ، والمفسدة التي في اللواط تقاوم ذلك كله ، وتربي عليه بما لا يمكن حصر فساده ، ولا يعلم تفصيله إلا الله .
ثم أكد قبح ذلك بأن اللوطية عكسوا فطرة الله التي فطر الله عليها الرجال ، وقلبوا الطبيعة التي ركبها الله في الذكور ، وهي شهوة النساء دون الذكور ، فقلبوا الأمر ، وعكسوا الفطرة والطبيعة فأتوا الرجال شهوة من دون النساء ، ولهذا قلب الله سبحانه عليهم ديارهم ، فجعل عاليها سافلها ، وكذلك قلبوا هم ، ونكسوا في العذاب على رؤوسهم .
ثم أكد سبحانه قبح ذلك بأن حكم عليهم بالإسراف وهو مجاوزة الحد ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=81بل أنتم قوم مسرفون [ سورة الأعراف : 81 ] .
فتأمل هل جاء مثل ذلك أو قريب منه في الزنى ؟
وأكد سبحانه ذلك عليهم بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=74ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث [ سورة الأنبياء : 74 ] .
ثم أكد سبحانه عليهم الذم بوصفين في غاية القبح فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=74إنهم كانوا قوم سوء فاسقين [ سورة الأنبياء : 74 ] .
وسماهم مفسدين في قول نبيهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=30رب انصرني على القوم المفسدين [ سورة العنكبوت : 30 ] .
[ ص: 172 ] وسماهم ظالمين في قول الملائكة
لإبراهيم :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=31إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين [ سورة العنكبوت : 31 ] .
فتأمل من عوقب بمثل هذه العقوبات ، ومن ذمه الله بمثل هذه المذمات ، ولما جادل فيهم خليله
إبراهيم الملائكة ، وقد أخبروه بإهلاكهم قيل له :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=76ياإبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود [ سورة هود : 76 ] .
وتأمل خبث اللوطية وفرط تمردهم على الله حيث جاءوا نبيهم
لوطا لما سمعوا بأنه قد طرقه أضياف هم من أحسن البشر صورا ، فأقبل اللوطية إليهم يهرولون ، فلما رآهم قال لهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=78ياقوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم [ سورة هود : 78 ] .
ففدى أضيافه ببناته يزوجهم بهم خوفا على نفسه وأضيافه من العار الشديد ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=78ياقوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزوني في ضيفي أليس منكم رجل رشيد ، فردوا عليه ، ولكن رد جبار عنيد :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=79لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد [ سورة هود : 79 ] .
فنفث نبي الله منه نفثة مصدور خرجت من قلب مكروب ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=80لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد فنفس له رسل الله عن حقيقة الحال ، وأعلموه أنهم ممن ليسوا يوصل إليهم ، ولا إليه بسببهم ، فلا تخف منهم ، ولا تعبأ بهم ، وهون عليك ، فقالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81يالوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك وبشروه بما جاءوا به من الوعد له ولقومه من الوعيد المصيب فقالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب [ سورة هود : 81 ] .
فاستبطأ نبي الله موعد هلاكهم ، وقال : أريد أعجل من هذا ، فقالت الملائكة :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81أليس الصبح بقريب فوالله ما كان بين إهلاك أعداء الله ونجاة نبيه وأوليائه إلا ما بين السحر
[ ص: 173 ] وطلوع الفجر ، وإذا بديارهم قد اقتلعت من أصلها ، ورفعت نحو السماء حتى سمعت الملائكة نباح الكلاب ونهيق الحمير ، فبرز المرسوم الذي لا يرد من عند الرب الجليل ، إلى عبده ورسوله جبرائيل ، بأن قلبها عليهم كما أخبر به في محكم التنزيل ، فقال عز من قائل :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=82فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل [ سورة هود : 82 ] فجعلهم آية للعالمين وموعظة للمتقين ، ونكالا وسلفا لمن شاركهم في أعمالهم من المجرمين ، وجعل ديارهم بطريق السالكين ،
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=75إن في ذلك لآيات للمتوسمين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=76وإنها لبسبيل مقيم nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=77إن في ذلك لآية للمؤمنين [ سورة الحجر : 75 - 77 ] .
أخذهم على غرة وهم نائمون ، وجاءهم بأسه وهم في سكرتهم يعمهون ، فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون ، فقلبت تلك اللذة آلاما ، فأصبحوا بها يعذبون .
مآرب كانت في الحياة لأهلها عذابا فصارت في الممات عذابا
ذهبت اللذات وأعقبت الحسرات ، وانقضت الشهوات ، وأورثت الشقوات ، وتمتعوا قليلا ، وعذبوا طويلا ، رتعوا مرتعا وخيما فأعقبهم عذابا أليما ، أسكرتهم خمرة تلك الشهوات ، فما استفاقوا منها إلا في ديار المعذبين ، وأرقدتهم تلك الغفلة ، فما استيقظوا منها إلا وهم في منازل الهالكين ، فندموا والله أشد الندامة حين لا ينفع الندم ، وبكوا على ما أسلفوه بدل الدموع بالدم ، فلو رأيت الأعلى والأسفل من هذه الطائفة ، والنار تخرج من منافذ وجوههم وأبدانهم وهم بين أطباق الجحيم ، وهم يشربون بدل لذيذ الشراب كئوس الحميم ، ويقال لهم وهم على وجوههم يسحبون :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=24ذوقوا ما كنتم تكسبون nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون [ سورة الطور : 16 ] .
وقد قرب الله سبحانه مسافة العذاب بين هذه الأمة وبين إخوانهم في العمل ، فقال مخوفا لهم أن يقع الوعيد :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=83وما هي من الظالمين ببعيد [ سورة هود : 83 ] .
فيا ناكحي الذكران يهنيكم البشرى فيوم معاد الناس إن لكم أجرا
كلوا واشربوا وازنوا ولوطوا وأبشروا فإن لكم زفرا إلى الجنة الحمرا
فإخوانكم قد مهدوا الدار قبلكم وقالوا إلينا عجلوا لكم البشرى
[ ص: 174 ]
وها نحن أسلاف لكم في انتظاركم سيجمعنا الجبار في ناره الكبرى
ولا تحسبوا أن الذين نكحتمو يغيبون عنكم بل ترونهم جهرا
ويلعن كلا منكما بخليله ويشقى به المحزون في الكرة الأخرى
يعذب كلا منهما بشريكه كما اشتركا في لذة توجب الوزرا
فَصْلٌ
nindex.php?page=treesubj&link=10455عُقُوبَةُ اللِّوَاطِ
وَلَمَّا كَانَتْ مَفْسَدَةُ اللِّوَاطِ مِنْ أَعْظَمِ الْمَفَاسِدِ ؛ كَانَتْ عُقُوبَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَعْظَمِ الْعُقُوبَاتِ .
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ : هَلْ هُوَ أَغْلَظُ عُقُوبَةً مِنَ الزِّنَى ، أَوِ الزِّنَى أَغْلَظُ عُقُوبَةً مِنْهُ ، أَوْ عُقُوبَتُهُمَا سَوَاءٌ ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ :
فَذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=22وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16414وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ،
وَخَالِدُ بْنُ زَيْدٍ ،
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْمَرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15885وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ،
وَمَالِكٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12418وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ ، وَالْإِمَامُ
أَحْمَدُ - فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ -
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ - فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ - إِلَى أَنَّ عُقُوبَتَهُ أَغْلَظُ مِنْ عُقُوبَةِ الزِّنَى ، وَعُقُوبَتُهُ الْقَتْلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ .
وَذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ ،
وَقَتَادَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760وَالْأَوْزَاعِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ - فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ - ، وَالْإِمَامُ
أَحْمَدُ - فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عَنْهُ - ،
وَأَبُو يُوسُفَ ،
وَمُحَمَّدٌ : إِلَى أَنَّ عُقُوبَتَهُ وَعُقُوبَةَ الزَّانِي سَوَاءٌ .
وَذَهَبَ
الْحَاكِمُ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ عُقُوبَتَهُ دُونَ عُقُوبَةِ الزَّانِي ، وَهِيَ التَّعْزِيرُ .
قَالُوا : لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ مِنَ الْمَعَاصِي لَمْ يُقَدِّرِ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ حَدًّا مُقَدَّرًا ، فَكَانَ فِيهِ التَّعْزِيرُ ، كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ .
قَالُوا : وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي مَحَلٍّ لَا تَشْتَهِيهِ الطِّبَاعُ ، بَلْ رَكَّبَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى النَّفْرَةِ مِنْهُ حَتَّى الْحَيَوَانُ الْبَهِيمُ ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ حَدٌّ كَوَطْءِ الْأَتَانِ وَغَيْرِهَا .
قَالُوا : وَلِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى زَانِيًا لُغَةً وَلَا شَرْعًا وَلَا عُرْفًا ، فَلَا يَدْخُلُ فِي النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى حَدِّ الزَّانِينَ .
[ ص: 169 ] قَالُوا : وَقَدْ رَأَيْنَا قَوَاعِدَ الشَّرِيعَةِ ، أَنَّ الْمَعْصِيَةَ إِذَا كَانَ الْوَازِعُ عَنْهَا طَبِيعِيًّا اكْتُفِيَ بِذَلِكَ الْوَازِعِ مِنَ الْحَدِّ ، وَإِذَا كَانَ فِي الطِّبَاعِ تَقَاضِيهَا ، جُعِلَ فِي الْحَدِّ بِحَسَبِ اقْتِضَاءِ الطِّبَاعِ لَهَا ، وَلِهَذَا جُعِلَ الْحَدُّ فِي الزِّنَى وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْمُسْكِرِ دُونَ أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ .
قَالُوا : وَطَرْدُ هَذَا ، أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي وَطْءِ الْبَهِيمَةِ وَلَا الْمَيِّتَةِ ، وَقَدْ جَبَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الطِّبَاعَ عَلَى النَّفْرَةِ مِنْ وَطْءِ الرَّجُلِ رَجُلًا مِثْلَهُ أَشَدَّ نَفْرَةٍ ، كَمَا جَبَلَهَا عَلَى النَّفْرَةِ مِنَ اسْتِدْعَاءِ الرَّجُلِ مَنْ يَطَؤُهُ بِخِلَافِ الزِّنَى ، فَإِنَّ الدَّاعِيَ فِيهِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ .
قَالُوا : وَلِأَنَّ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ إِذَا اسْتَمْتَعَ بِشَكْلِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَدُّ ، كَمَا تَسَاحَقَتِ الْمَرْأَتَانِ وَاسْتَمْتَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِالْأُخْرَى .
قَالَ أَصْحَابُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ : وَهُوَ جُمْهُورُ الْأُمَّةِ ، وَحَكَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ إِجْمَاعًا لِلصَّحَابَةِ ، لَيْسَ فِي الْمَعَاصِي أَعْظَمُ مَفْسَدَةً مِنْ هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ ، وَهِيَ تَلِي مَفْسَدَةَ الْكُفْرِ ، وَرُبَّمَا كَانَتْ أَعْظَمَ مِنْ مَفْسَدَةِ الْقَتْلِ ، كَمَا سَنُبَيِّنُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
قَالُوا : وَلَمْ يَبْتَلِ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذِهِ الْكَبِيرَةِ قَبْلَ
قَوْمِ لُوطٍ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ، وَعَاقَبَهُمْ عُقُوبَةً لَمْ يُعَاقِبْ بِهَا أَحَدًا غَيْرَهُمْ ، وَجَمَعَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْوَاعِ الْعُقُوبَاتِ بَيْنَ الْإِهْلَاكِ ، وَقَلْبِ دِيَارِهِمْ عَلَيْهِمْ ، وَالْخَسْفِ بِهِمْ ، وَرَجْمِهِمْ بِالْحِجَارَةِ مِنَ السَّمَاءِ ، فَنَكَّلَ بِهِمْ نَكَالًا لَمْ يُنَكِّلْهُ أُمَّةً سِوَاهُمْ ، وَذَلِكَ لِعِظَمِ مَفْسَدَةِ هَذِهِ الْجَرِيمَةِ الَّتِي تَكَادُ الْأَرْضُ تَمِيدُ مِنْ جَوَانِبِهَا إِذَا عُمِلَتْ عَلَيْهَا ، وَتَهْرُبُ الْمَلَائِكَةُ إِلَى أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِذَا شَاهَدُوهَا ، خَشْيَةَ نُزُولِ الْعَذَابِ عَلَى أَهْلِهَا ، فَيُصِيبُهُمْ مَعَهُمْ ، وَتَعِجُّ الْأَرْضُ إِلَى رَبِّهَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، وَتَكَادُ الْجِبَالُ تَزُولُ عَنْ أَمَاكِنِهَا ، وَقَتْلُ الْمَفْعُولِ بِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ وَطْئِهِ ، فَإِنَّهُ إِذَا وَطِئَهُ قَتَلَهُ قَتْلًا لَا تُرْجَى الْحَيَاةُ مَعَهُ بِخِلَافِ قَتْلِهِ فَإِنَّهُ مَظْلُومٌ شَهِيدٌ ، وَرُبَّمَا يَنْتَفِعُ بِهِ فِي آخِرَتِهِ .
قَالُوا : وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا : أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ حَدَّ الْقَاتِلِ إِلَى خِيَرَةِ الْوَلِيِّ ، إِنْ شَاءَ قَتَلَ وَإِنْ شَاءَ عَفَا ، وَحَتَّمَ قَتْلَ اللُّوطِيِّ حَدًّا ، كَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَدَلَّتْ عَلَيْهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّرِيحَةُ الَّتِي لَا مُعَارِضَ لَهَا ، بَلْ عَلَيْهَا عَمَلُ أَصْحَابِهِ وَخُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ - .
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=22خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ : أَنَّهُ وَجَدَ فِي بَعْضِ ضَوَاحِي الْعَرَبِ رَجُلًا يُنْكَحُ كَمَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ ، فَكَتَبَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَاسْتَشَارَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَشَدَّهُمْ قَوْلًا فِيهِ ، فَقَالَ : مَا فَعَلَ هَذَا إِلَّا أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ وَاحِدَةٌ ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِهَا ، أَرَى أَنْ يُحَرَّقَ بِالنَّارِ ، فَكَتَبَ
أَبُو بَكْرٍ إِلَى
خَالِدٍ فَحَرَّقَهُ .
[ ص: 170 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ : يُنْظَرُ أَعْلَى بِنَاءٍ فِي الْقَرْيَةِ ، فَيُرْمَى اللُّوطِيُّ مِنْهَا مُنْكَبًّا ، ثُمَّ يُتْبَعُ بِالْحِجَارَةِ .
وَأَخَذَ
nindex.php?page=showalam&ids=11عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ هَذَا الْحَدَّ مِنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ
قَوْمَ لُوطٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ الَّذِي رَوَى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949513مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ ، فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ .
رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ ، وَاحْتَجَّ الْإِمَامُ
أَحْمَدُ بِهَذَا الْحَدِيثِ ، وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ .
قَالُوا : وَثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949514لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ وَلَمْ يَجِئْ عَنْهُ لَعْنَةُ الزَّانِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ ، وَقَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=19061لَعَنَ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ ، فَلَمْ يَتَجَاوَزْ بِهِمْ فِي اللَّعْنِ مَرَّةً وَاحِدَةً ، وَكَرَّرَ لَعْنَ اللُّوطِيَّةِ ، وَأَكَّدَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، وَأَطْبَقَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى قَتْلِهِ ، لَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمْ فِيهِ رَجُلَانِ ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتْ أَقْوَالُهُمْ فِي صِفَةِ قَتْلِهِ ، فَظَنَّ النَّاسُ أَنَّ ذَلِكَ اخْتِلَافًا مِنْهُمْ فِي قَتْلِهِ ، فَحَكَاهَا مَسْأَلَةَ نِزَاعٍ بَيْنَ الصَّحَابَةِ ، وَهِيَ بَيْنَهُمْ مَسْأَلَةُ إِجْمَاعٍ لَا مَسْأَلَةُ نِزَاعٍ .
قَالُوا : وَمَنْ تَأَمَّلَ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=32وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا [ سُورَةُ الْإِسْرَاءِ : 32 ] .
وَقَوْلَهُ فِي اللِّوَاطِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=80nindex.php?page=treesubj&link=28978_32626أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ [ سُورَةُ الْأَعْرَافِ : 80 ] .
تَبَيَّنَ لَهُ تَفَاوُتُ مَا بَيْنَهُمَا ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ نَكَّرَ الْفَاحِشَةَ فِي الزِّنَى ، أَيْ هُوَ فَاحِشَةٌ مِنَ الْفَوَاحِشِ ، وَعَرَّفَهَا فِي اللِّوَاطِ ، وَذَلِكَ يُفِيدُ أَنَّهُ جَامِعٌ لِمَعَانِي اسْمِ الْفَاحِشَةِ ، كَمَا تَقُولُ : زَيْدٌ الرَّجُلُ ، وَنِعْمَ الرَّجُلُ زَيْدٌ ، أَيْ أَتَأْتُونَ الْخَصْلَةَ الَّتِي اسْتَقَرَّ فُحْشُهَا عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ ، فَهِيَ لِظُهُورِ فُحْشِهَا وَكَمَالِهِ غَنِيَّةٌ عَنْ ذِكْرِهَا ، بِحَيْثُ لَا يَنْصَرِفُ الِاسْمُ إِلَى غَيْرِهَا ، وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِ
فِرْعَوْنَ لِمُوسَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=19وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ [ سُورَةُ الشُّعَرَاءِ : 19 ] .
أَيِ الْفَعْلَةَ الشَّنْعَاءَ الظَّاهِرَةَ الْمَعْلُومَةَ لِكُلِّ أَحَدٍ .
ثُمَّ أَكَّدَ سُبْحَانَهُ شَأْنَ فُحْشِهَا بِأَنَّهَا لَمْ يَعْمَلْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ قَبْلَهُمْ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=80مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ ، ثُمَّ زَادَ فِي التَّأْكِيدِ بِأَنْ صَرَّحَ بِمَا تَشْمَئِزُّ مِنْهُ الْقُلُوبُ ، وَتَنْبُو
[ ص: 171 ] عَنْهُ الْأَسْمَاعُ ، وَتَنْفِرُ مِنْهُ الطِّبَاعُ أَشَدَّ نَفْرَةٍ ، وَهُوَ إِتْيَانُ الرَّجُلِ رَجُلًا مِثْلَهُ يَنْكِحُهُ كَمَا يَنْكِحُ الْأُنْثَى ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=81إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ [ سُورَةُ الْأَعْرَافِ : 81 ] .
ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى اسْتِغْنَائِهِمْ عَنْ ذَلِكَ ، وَأَنَّ الْحَامِلَ لَهُمْ عَلَيْهِ لَيْسَ إِلَّا مُجَرَّدَ الشَّهْوَةِ لَا الْحَاجَةَ الَّتِي لِأَجْلِهَا مَالَ الذَّكَرُ إِلَى الْأُنْثَى ، وَمِنْ قَضَاءِ الْوَطَرِ وَلَذَّةِ الِاسْتِمْتَاعِ ، وَحُصُولِ الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ الَّتِي تَنْسَى الْمَرْأَةُ لَهَا أَبَوَيْهَا ، وَتَذْكُرُ بَعْلَهَا ، وَحُصُولِ النَّسْلِ الَّذِي هُوَ حِفْظُ هَذَا النَّوْعِ الَّذِي هُوَ أَشْرَفُ الْمَخْلُوقَاتِ ، وَتَحْصِينِ الْمَرْأَةِ وَقَضَاءِ وَطَرِهَا ، وَحُصُولِ عَلَاقَةِ الْمُصَاهَرَةِ الَّتِي هِيَ أُخْتُ النَّسَبِ ، وَقِيَامِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ ، وَخُرُوجِ أَحَبِّ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ مِنْ جِمَاعِهِنَّ كَالْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ ، وَمُكَاثَرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَنْبِيَاءَ بِأُمَّتِهِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِ النِّكَاحِ ، وَالْمَفْسَدَةُ الَّتِي فِي اللِّوَاطِ تُقَاوِمُ ذَلِكَ كُلَّهُ ، وَتُرْبِي عَلَيْهِ بِمَا لَا يُمْكِنُ حَصْرُ فَسَادِهِ ، وَلَا يَعْلَمُ تَفْصِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ .
ثُمَّ أَكَّدَ قُبْحَ ذَلِكَ بِأَنَّ اللُّوطِيَّةَ عَكَسُوا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا الرِّجَالَ ، وَقَلَبُوا الطَّبِيعَةَ الَّتِي رَكَّبَهَا اللَّهُ فِي الذُّكُورِ ، وَهِيَ شَهْوَةُ النِّسَاءِ دُونَ الذُّكُورِ ، فَقَلَبُوا الْأَمْرَ ، وَعَكَسُوا الْفِطْرَةَ وَالطَّبِيعَةَ فَأَتَوُا الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ ، وَلِهَذَا قَلَبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمْ دِيَارَهُمْ ، فَجَعَلَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا ، وَكَذَلِكَ قُلِبُوا هُمْ ، وَنُكِّسُوا فِي الْعَذَابِ عَلَى رُؤُوسِهِمْ .
ثُمَّ أَكَّدَ سُبْحَانَهُ قُبْحَ ذَلِكَ بِأَنْ حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِالْإِسْرَافِ وَهُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=81بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ [ سُورَةُ الْأَعْرَافِ : 81 ] .
فَتَأَمَّلْ هَلْ جَاءَ مِثْلُ ذَلِكَ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ فِي الزِّنَى ؟
وَأَكَّدَ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=74وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ [ سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ : 74 ] .
ثُمَّ أَكَّدَ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمُ الذَّمَّ بِوَصْفَيْنِ فِي غَايَةِ الْقُبْحِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=74إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ [ سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ : 74 ] .
وَسَمَّاهُمْ مُفْسِدِينَ فِي قَوْلِ نَبِيِّهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=30رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ [ سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ : 30 ] .
[ ص: 172 ] وَسَمَّاهُمْ ظَالِمِينَ فِي قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ
لِإِبْرَاهِيمَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=31إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ [ سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ : 31 ] .
فَتَأَمَّلْ مَنْ عُوقِبَ بِمِثْلِ هَذِهِ الْعُقُوبَاتِ ، وَمَنْ ذَمَّهُ اللَّهُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمَذَمَّاتِ ، وَلَمَّا جَادَلَ فِيهِمْ خَلِيلُهُ
إِبْرَاهِيمُ الْمَلَائِكَةَ ، وَقَدْ أَخْبَرُوهُ بِإِهْلَاكِهِمْ قِيلَ لَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=76يَاإِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ [ سُورَةُ هُودٍ : 76 ] .
وَتَأَمَّلْ خُبْثَ اللُّوطِيَّةِ وَفَرْطَ تَمَرُّدِهِمْ عَلَى اللَّهِ حَيْثُ جَاءُوا نَبِيَّهُمْ
لُوطًا لَمَّا سَمِعُوا بِأَنَّهُ قَدْ طَرَقَهُ أَضْيَافٌ هُمْ مِنْ أَحْسَنِ الْبَشَرِ صُوَرًا ، فَأَقْبَلَ اللُّوطِيَّةُ إِلَيْهِمْ يُهَرْوِلُونَ ، فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ لَهُمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=78يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ [ سُورَةُ هُودٍ : 78 ] .
فَفَدَى أَضْيَافَهُ بِبَنَاتِهِ يُزَوِّجُهُمْ بِهِمْ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ وَأَضْيَافِهِ مِنَ الْعَارِ الشَّدِيدِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=78يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِي فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ ، فَرَدُّوا عَلَيْهِ ، وَلَكِنْ رَدَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=79لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ [ سُورَةُ هُودٍ : 79 ] .
فَنَفَثَ نَبِيُّ اللَّهِ مِنْهُ نَفْثَةَ مَصْدُورٍ خَرَجَتْ مِنْ قَلْبٍ مَكْرُوبٍ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=80لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ فَنَفَّسَ لَهُ رُسُلُ اللَّهِ عَنْ حَقِيقَةِ الْحَالِ ، وَأَعْلَمُوهُ أَنَّهُمْ مِمَّنْ لَيْسُوا يُوصَلُ إِلَيْهِمْ ، وَلَا إِلَيْهِ بِسَبَبِهِمْ ، فَلَا تَخَفْ مِنْهُمْ ، وَلَا تَعْبَأْ بِهِمْ ، وَهَوِّنْ عَلَيْكَ ، فَقَالُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ وَبَشَّرُوهُ بِمَا جَاءُوا بِهِ مِنَ الْوَعْدِ لَهُ وَلِقَوْمِهِ مِنَ الْوَعِيدِ الْمُصِيبِ فَقَالُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ [ سُورَةُ هُودٍ : 81 ] .
فَاسْتَبْطَأَ نَبِيُّ اللَّهِ مَوْعِدَ هَلَاكِهِمْ ، وَقَالَ : أُرِيدُ أَعْجَلَ مِنْ هَذَا ، فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ فَوَاللَّهِ مَا كَانَ بَيْنَ إِهْلَاكِ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَنَجَاةِ نَبِيِّهِ وَأَوْلِيَائِهِ إِلَّا مَا بَيْنَ السَّحَرِ
[ ص: 173 ] وَطُلُوعِ الْفَجْرِ ، وَإِذَا بِدِيَارِهِمْ قَدِ اقْتُلِعَتْ مِنْ أَصْلِهَا ، وَرُفِعَتْ نَحْوَ السَّمَاءِ حَتَّى سَمِعَتِ الْمَلَائِكَةُ نُبَاحَ الْكِلَابِ وَنَهِيقَ الْحَمِيرِ ، فَبَرَزَ الْمَرْسُومُ الَّذِي لَا يُرَدُّ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ الْجَلِيلِ ، إِلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ جِبْرَائِيلَ ، بِأَنْ قَلَبَهَا عَلَيْهِمْ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=82فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ [ سُورَةُ هُودٍ : 82 ] فَجَعَلَهُمْ آيَةً لِلْعَالَمِينَ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ، وَنَكَالًا وَسَلَفًا لِمَنْ شَارَكَهُمْ فِي أَعْمَالِهِمْ مِنَ الْمُجْرِمِينَ ، وَجَعَلَ دِيَارَهُمْ بِطَرِيقِ السَّالِكِينَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=75إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=76وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=77إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ [ سُورَةُ الْحِجْرِ : 75 - 77 ] .
أَخَذَهُمْ عَلَى غِرَّةٍ وَهُمْ نَائِمُونَ ، وَجَاءَهُمْ بَأْسُهُ وَهُمْ فِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ، فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ، فَقُلِبَتْ تِلْكَ اللَّذَّةُ آلَامًا ، فَأَصْبَحُوا بِهَا يُعَذَّبُونَ .
مَآرِبُ كَانَتْ فِي الْحَيَاةِ لِأَهْلِهَا عَذَابًا فَصَارَتْ فِي الْمَمَاتِ عَذَابًا
ذَهَبَتِ اللَّذَّاتُ وَأَعْقَبَتِ الْحَسَرَاتِ ، وَانْقَضَتِ الشَّهَوَاتُ ، وَأَوْرَثَتِ الشِّقْوَاتِ ، وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا ، وَعُذِّبُوا طَوِيلًا ، رَتَعُوا مَرْتَعًا وَخِيمًا فَأَعْقَبَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ، أَسْكَرَتْهُمْ خَمْرَةُ تِلْكَ الشَّهَوَاتِ ، فَمَا اسْتَفَاقُوا مِنْهَا إِلَّا فِي دِيَارِ الْمُعَذَّبِينَ ، وَأَرْقَدَتْهُمْ تِلْكَ الْغَفْلَةُ ، فَمَا اسْتَيْقَظُوا مِنْهَا إِلَّا وَهُمْ فِي مَنَازِلِ الْهَالِكِينَ ، فَنَدِمُوا وَاللَّهِ أَشَدَّ النَّدَامَةِ حِينَ لَا يَنْفَعُ النَّدَمُ ، وَبَكَوْا عَلَى مَا أَسْلَفُوهُ بَدَلَ الدُّمُوعِ بِالدَّمِ ، فَلَوْ رَأَيْتَ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ مِنْ هَذِهِ الطَّائِفَةِ ، وَالنَّارُ تَخْرُجُ مِنْ مَنَافِذِ وُجُوهِهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ وَهُمْ بَيْنَ أَطْبَاقِ الْجَحِيمِ ، وَهُمْ يَشْرَبُونَ بَدَلَ لَذِيذِ الشَّرَابِ كُئُوسَ الْحَمِيمِ ، وَيُقَالُ لَهُمْ وَهُمْ عَلَى وُجُوهِهِمْ يُسْحَبُونَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=24ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [ سُورَةُ الطُّورِ : 16 ] .
وَقَدْ قَرَّبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مَسَافَةَ الْعَذَابِ بَيْنَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَبَيْنَ إِخْوَانِهِمْ فِي الْعَمَلِ ، فَقَالَ مُخَوِّفًا لَهُمْ أَنْ يَقَعَ الْوَعِيدُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=83وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ [ سُورَةُ هُودٍ : 83 ] .
فَيَا نَاكِحِي الذُّكْرَانِ يَهْنِيكُمُ الْبُشْرَى فَيَوْمَ مَعَادِ النَّاسِ إِنَّ لَكُمْ أَجْرًا
كُلُوا وَاشْرَبُوا وَازْنُوا وَلُوطُوا وَأَبْشِرُوا فَإِنَّ لَكُمْ زَفَرًا إِلَى الْجَنَّةِ الْحَمْرَا
فَإِخْوَانُكُمْ قَدْ مَهَّدُوا الدَّارَ قَبْلَكُمُ وَقَالُوا إِلَيْنَا عَجِّلُوا لَكُمُ الْبُشْرَى
[ ص: 174 ]
وَهَا نَحْنُ أَسْلَافٌ لَكُمْ فِي انْتِظَارِكُمُ سَيَجْمَعُنَا الْجَبَّارُ فِي نَارِهِ الْكُبْرَى
وَلَا تَحْسَبُوا أَنَّ الَّذِينَ نَكَحْتُمُو يَغِيبُونَ عَنْكُمْ بَلْ تَرَوْنَهُمْ جَهْرًا
وَيَلْعَنُ كُلًّا مِنْكُمَا بِخَلِيلِهِ وَيَشْقَى بِهِ الْمَحْزُونُ فِي الْكَرَّةِ الْأُخْرَى
يُعَذِّبُ كُلًّا مِنْهُمَا بِشَرِيكِهِ كَمَا اشْتَرَكَا فِي لَذَّةٍ تُوجِبُ الْوِزْرَا