في هذه السنة ، في صفر ، قتل . تتش بن ألب أرسلان
وكان سبب ذلك أنه لما هزم السلطان بركيارق ، كما ذكرناه ، سار من موضع الوقعة إلى همذان ، وقد تحصن بها أمير آخر ، فرحل تتش عنها ، فتبعه أمير آخر لأجل أثقاله ، فعاد عليه تتش فكسره ، فعاد إلى همذان ، واستأمن إليه ، وصار معه .
وبلغ تتش مرض بركيارق ، فسار إلى أصبهان ، فاستأذنه أمير آخر في قصد جرباذقان لإقامة الضيافة وما يحتاج إليه ، فأذن له ، فسار إليها ، ومنها إلى أصبهان ، وعرفهم خبر تتش .
وعلم تتش خبره ، فنهب جرباذقان ، وسار إلى الري ، وراسل الأمراء الذين بأصبهان يدعوهم إلى طاعته ، ويبذل لهم البذول الكثيرة ، وكان بركيارق مريضا بالجدري ، فأجابوه يعدونه بالانحياز إليه ، وهم ينتظرون ما يكون من بركيارق ، فلما عوفي أرسلوا إلى تتش : ليس بيننا غير السيف ، وساروا مع بركيارق من أصبهان ، وهم في نفر يسير ، فلما بلغوا جرباذقان أقبلت إليهم العساكر من كل مكان ، حتى صاروا في ثلاثين ألفا ، فالتقوا بموضع قريب من الري ، فانهزم عسكر تتش ، وثبت هو ، فقتل ، قيل قتله بعض أصحاب آقسنقر ، صاحب حلب ، أخذا بثأر صاحبه .
وكان قد قبض على فخر الملك بن نظام الملك ، وهو معه ، فأطلق ، واستقام الأمر والسلطنة لبركيارق ، وإذا أراد الله أمرا هيأ أسبابه ، بالأمس ينهزم من عمه تتش ، ويصل إلى أصبهان في نفر يسير ، فلا يتبعه أحد ، ولو تبعه عشرون فارسا لأخذوه لأنه بقي على باب أصبهان عدة أيام ، ثم لما دخلها أراد الأمراء كلحه ، فاتفق أن أخاه حم ثاني يوم وصوله ، وجدر ، فمات ، فقام في الملك مقامه ، ثم جدر هو ، وأصابه معه [ ص: 391 ] سرسام ، فعوفي ، وبقي مذ كسره عمه إلى أن عوفي وسار عن أصبهان أربعة أشهر لم يتحرك عمه ، ولا عمل شيئا ، ولو قصده وهو مريض أو وقت مرض أخيه لملك البلاد :
ولله سر في علاك وإنما كلام العدا ضرب من الهذيان