الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر دخول السلطان إلى بغداذ .

في هذه السنة دخل السلطان ملكشاه بغداذ في ذي الحجة ، بعد أن فتح حلب وغيرها من بلاد الشام ، والجزيرة ، وهي أول قدمة قدمها ، ونزل بدار المملكة ، وركب [ ص: 311 ] من الغد إلى الحلبة ، ولعب بالجوكان والكرة ، وأرسل إلى الخليفة هدايا كثيرة ، فقبلها الخليفة ، ومن الغد أرسل نظام الملك إلى الخليفة خدمة كثيرة ، فقبلها ، وزار السلطان ونظام الملك مشهد موسى بن جعفر ، وقبر معروف ، وأحمد بن حنبل وأبي حنيفة ، وغيرها من القبور المعروفة ، فقال ابن زكرويه الواسطي يهنئ نظام الملك بقصيدة منها :


زرت المشاهد زورة مشهودة ، أرضت مضاجع من بها مدفون     فكأنك الغيث استهل بتربها
، وكأنها بك روضة ومعين     فازت قداحك بالثواب وأنجحت
ولك الإله على النجاح ضمين

.

وهي مشهورة .

وطلب نظام الملك إلى دار الخلافة ليلا ، فمضى في الزبزب ، وعاد من ليلته ، ومضى السلطان ونظام الملك إلى الصيد في البرية ، فزارا المشهدين : مشهد أمير المؤمنين علي ، ومشهد الحسين ، عليه السلام ، ودخل السلطان البر ، فاصطاد شيئا كثيرا من الغزلان وغيرها ، وأمر ببناء منارة القرون بالسبيعي ، وعاد السلطان إلى بغداذ ، ودخل إلى الخليفة ، فخلع عليه الخلع السلطانية .

ولما خرج من عنده لم يزل نظام الملك قائما يقدم أميرا أميرا إلى الخليفة ، وكلما قدم أميرا يقول : هذا العبد فلان بن فلان ، وأقطاعه كذا وكذا ، وعدة عسكره كذا وكذا ، إلى أن أتى على آخر الأمراء ، وفوض الخليفة إلى السلطان أمر البلاد والعباد ، وأمره بالعدل فيهم ، وطلب السلطان أن يقبل يد الخليفة ، فلم يجبه ، فسأل أن يقبل خاتمه ، فأعطاه إياه فقبله ، ووضعه على عينه ، وأمره الخليفة بالعود فعاد .

وخلع الخليفة أيضا على نظام الملك ، ودخل نظام الملك إلى المدرسة النظامية ، وجلس في خزانة الكتب ، وطالع فيها كتبا ، وسمع الناس عليه بالمدرسة جزء [ ص: 312 ] حديث ، وأملى جزءا آخر .

وأقام السلطان ببغداذ إلى صفر سنة ثمانين [ وأربعمائة ] ، وسار منها إلى أصبهان .

التالي السابق


الخدمات العلمية