( قال : ) وكذلك إذا فهو ضامن لحديد مثله ، وإن لم يقدر على ذلك ضمن قيمته . وكذلك إذا غصب حديدا فجعله درعا ; لأنه غيره عن حاله ، وصار الغاصب مستهلكا ، وهذا الحادث حادث بفعل الغاصب لتبدل العين صورة ومعنى واسما وحكما ومقصودا ; فلهذا لا سبيل له على المصنوع ، وكان غصب صفرا فجعله كوزا يقول : هذا إذا كان بعد الصنعة لا يباع وزنا ، أما إذا كان يباع وزنا ينبغي أن يكون للمغصوب منه حق أخذ المصنوع إن شاء عند الكرخي رحمه الله كما في البقرة لبقاء حكم الربا ، والأصح أن الجواب مطلق ; لأن اسم العين قد تبدل بصنع الغاصب ، بخلاف القلب على ما نبينه ، فإن أبي حنيفة فعليه قيمة الكوز صحيحة ; لأن الكوز مملوك للغاصب ، وهو ملك محترم فيكون المغصوب منه الصفر في كسره كغيره . كسر صاحب الصفر الكوز بعد ما ضمن له الغاصب قيمة صفره
وكذلك إن ; لأن الكوز مملوك ; لأنه كان حادثا بعمله فيكون الحال قبل القضاء بالقيمة ، وبعده سواء في حقه إلا أنه يحاسبه بما عليه ; لأن المغصوب منه استوجب عليه قيمة الصفر ، والغاصب استوجب عليه قيمة الكوز فيتقاصان [ ص: 101 ] ويترادان الفضل ، فإن كسره قبل أن يقضي له بالقيمة فعلى قول غصب فضة فضربها دراهم أو صاغها إناء أبي يوسف رحمهما الله هذا والحديد والصفر سواء ; لأن الاسم تبدل بصنعة الغاصب ، وكذلك الحكم ، فإن البقرة لا تصلح رأس مال الشركة ، والمضاربة والدراهم تصلح لذلك ، ولا معتبر بالتمكن من الإعادة ، فإن هذا موجود في الحديد والصفر ، ثم جعل هناك الثاني غير الأول ، وجعل الإناء حادثا بعمل الغاصب ، فهذا مثله ومحمد رحمه الله يقول هنا للمغصوب منه أن يأخذها ، ولا أجر للغاصب ، وعلل فقال : لأنه فضة بعينها لا تخرج من الوزن بخلاف الحديد والصفر . وبهذا الحرف يستدل وأبو حنيفة في تقسيم الجواب هناك ، ثم معنى هذا التعليل أن اسم العين لا يتبدل ; لأن اسم العين هو الذهب والفضة ، وهو يبقى بعد الصنعة إنما يتبدل اسم الصنعة ، فإن الدراهم والدنانير اسم الصنعة ، وكذلك حكم العين باق ، فإن حكم العين أنه موزون ، ويجري فيه الربا بعلة الوزن ، وتجب الزكاة فيه باعتبار العين ، فأما صلاحية رأس مال الشركة والمضاربة فهو حكم الصنعة لا حكم العين ; ولهذا يقول ما لا يتفاوت من الفلوس الرائجة في هذا الحكم كالذهب والفضة ، فإذا بقي اسم العين وحكم العين كان ذلك دليل بقاء العين المغصوب ، وإن تعذر على المغصوب منه أخذه إنما يتعذر للصنعة ، ولا قيمة للصنعة في هذه الأموال منفردة من الأصل ، وبه فارق الحديد والصفر ، فإن الصنعة هناك تخرجها من الوزن ، ومن أن تكون مال الربا ، وللصنعة في غير مال الربا قيمة مع أن اسم العين وحكمه قد تبدل هناك كما قررنا . الكرخي