الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا استعار دابة ليركبها إلى مكان معلوم فأخذ بها في طريق آخر إلى ذلك المكان فعطبت لم يضمن ; لأنه مأذون في الوصول عليها إلى ذلك المكان ، ولم يقيد له طريق ، فلا يكون مخالفا في أي طريق ذهب بعد أن يكون طريقا يسلكه الناس إلى ذلك المكان ، فإن كان طريقا لا يسلكه الناس إلى ذلك المكان فهو ضامن ; لأن مطلق الإذن ينصرف إلى المتعارف . وإن استعارها إلى حمام أعبر فجاوز بها حمام أعبر ، ثم جاء بها إلى حمام أعين أو إلى الكوفة فعطبت الدابة فهو ضامن لها حتى يردها إلى صاحبها . ( قيل : ) هذا إذا استعارها ذاهبا لا راجعا ، فأما إذا استعارها ذاهبا ، وجائيا فلا ضمان عليه ، وهكذا ذكر في النوادر ; لأنه في الأول لما وصل إلى حمام أعين انتهى العقد ، فإذا جاوز كان غاصبا ، فلا يبرأ إلا بالرد على المالك ، وفي الثاني إنما يضمن بالخلاف ، وهو استعمالها وراء المكان المشروط ، فإذا رجع إلى حمام أعين فقد ارتفع الخلاف ، والعقد قائم بينهما فيكون أمينا ( وقيل : ) الجواب في الفصلين سواء ; لأن يد المستعير يد نفسه . وفي الوديعة إذا خالف ، ثم عاد إلى الوفاق إنما أبرأناه عن الضمان ; لأن يده يد المالك فيجعل في الحكم كما لو رده على المالك ، وهذا لا يوجد هنا فبقي ضامنا كما كان ، وإن عاد إلى مكان العقد ما لم يوصله إلى المالك ، والإجارة في هذا كالعارية ; لأن يد المستأجر يد نفسه أيضا ، فإنه يقبض لمنفعة نفسه ، ورجوعه بضمان الاستحقاق لأجل الغرور الثابت بعقد ضمان لا ; لأن يده يد المالك يوضح الفرق أن [ ص: 146 ] المستعير والمستأجر يضمنان بالإمساك ، فإنه لو استعار أو استأجر دابة ليركبها إلى مكان كذا فأمسكها في المصر أياما كان ضامنا فكذلك إذا جاوز المكان المشروط ، فإنما ضمناه بإمساكها في غير الموضع الذي تناوله الإذن ، ولا ينعدم الإمساك إلا بالرد ، فأما المودع يصير ضامنا بالاستعمال لا بالإمساك ، وقد انعدم الاستعمال حين عاد الوفاق . يقول : فإن أقام صاحبها البينة أنها نفقت تحته في دير عبد الرحمن من ركوبه ، وأقام المستعير شاهدين أنه قد ردها إلى صاحبها أخذت ببينة رب الدابة ; لأنها تثبت سبب تقرر الضمان على الراكب ، وبينة المستعير تنفي ذلك ، والبينات للإثبات .

التالي السابق


الخدمات العلمية