الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ( ولا تؤكل السمكة الطافية ، فأما ما انحسر عنه الماء أو نبذه فلا بأس بأكله ) وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا بأس بأكل السمك الطافي ، واستدل بقوله تعالى : { أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم } قيل : الطعام من السمك ما يوجد فيه ميتا ، وقال عليه الصلاة والسلام في البحر { هو الطهور ماؤه الحل ميتته } وقال : صلوات الله وسلامه عليه { أحلت لنا ميتتان ودمان } الحديث ، وفي حديث أبان بن أبي عياش رضي الله تعالى عنه أن { النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن أكل الطافي من السمك فلم ير به بأسا } ، واعتبر السمك بالجراد بعلة أنه لا يشترط فيه الذكاة فيستوي موته بسبب وبغير سبب ، وحجتنا في ذلك حديث جابر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ما انحسر عنه الماء فكل ، وما طفا فلا تأكل } ولا يقال هذا نهي إشفاق لما قيل : إن الطافي يورث البرص [ ص: 248 ] وهذا لأن الاستكثار من السمك يورث البرص الطافي وغيره سواء ، وإنما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينا للأحكام دون الطب ، وحرمة تناول الطافي مروي عن علي وابن عباس رضي الله تعالى عنهم . حتى قال علي رضي الله تعالى عنه للسماكين لا تبيعوا الطافي في أسواقنا ، وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أكل الطافي حرام ، ولأنه حيوان مات بغير سبب فلا يؤكل كسائر الحيوانات ، بخلاف الجراد فموته لا يكون إلا بسبب على ما بينا أنه بحري الأصل بري المعاش ، فإن مات في البحر فقد مات في غير موضع معاشه ، وما مات في البر فقد مات في غير موضع أصله ، وهذا سبب لهلاكه فوزانه لو مات السمك بسبب . وقد بينا أن الموجب للحرمة من الآثار يترجح على الموجب للحل لقوله عليه الصلاة والسلام : { الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك . }

التالي السابق


الخدمات العلمية