الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا طلب المودع الوديعة فقال المستودع : قد رددتها عليك فالقول قوله مع يمينه ; لأنه أمين والقول قول الأمين مع اليمين ; لإنكاره السبب الموجب للضمان ، وإخباره بما هو مسلط عليه - وهو رد الوديعة على صاحبها - والمودع هو الذي سلطه على ذلك ، فيجعل قوله كقول المسلط إلا أنه يستحلف لنفي التهمة عنه ، وكذلك لو سرقت أو ضاعت ، أو ذهبت وقال : لا أدري كيف ذهبت ; لأنه أمين أخبر بما هو محتمل ، ولأنه ينكر وجوب الضمان عليه ، والمالك يدعي عليه سبب الضمان - وهو المنع بعد الطلب - فلا يصدق إلا بحجة .

( واختلف ) المتأخرون رحمهم الله فيما إذا قال - ابتداء - : لا أدري كيف ذهبت ، فمنهم من يقول : هو ضامن لها ; لأنه جهلها بما قال ، والمودع بالتجهيل يصير ضامنا ، بخلاف ما إذا قال : ذهبت ولا أدري كيف ذهبت ; لأنه بقوله : ذهبت ، يخبر بهلاكها ، ويكفيه هذا المقدار ، فلا معتبر بعد ذلك بقوله : لا أدري كيف ذهبت . والأصح : أنه لا يصير ضامنا ; لأنه مخبر بهلاكها ، محترز عن الكذب والمجازفة في القول بقوله : لا أدري كيف ذهبت ; وهذا لأن أصل الذهاب معلوم من هذا اللفظ - لا محالة - وإنما التجهيل في كيفية الذهاب . والإخبار بأصل الذهاب يكفي في براءته عن الضمان . وإن قال : بعثت بها إليك مع رسولي ، وسمى بعض من في عياله : فهو كقوله : رددتها عليك ; لأن يد من في عياله لما جعل كيده في الحفظ ، فكذلك في الرد : يد من في عياله كيده ; فلا يصير بهذا مقرا بالسبب الموجب للضمان عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية