الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( إذا ) ثبت بقاء عقد الوديعة ، فنقول : يد المودع كيد المودع ، فإما أن يجعل في حالة الخلاف ، كان العين في يد المالك ، والمستعمل متشبث به فإن هلك من عمله : ضمن وإلا فلا . كما لو تشبث بثوب في يد صاحبه ، وهذا اختيار الهندواني - رحمه الله - ، والأصح : أنه ضامن إذا هلك في حالة الخلاف ، سواء كان من استعماله ، أو من غير استعماله ، وفي الكتاب ما يدل عليه ; فإنه قال : برئ عن الضمان وذلك لا يكون إلا بعد صيرورة العين مضمونا عليه . ولو تنازعا في الهلاك أنه كان في حالة الخلاف ، أو بعد ترك الخلاف : كان القول قول المالك ، فعرفنا أنه صار ضامنا ، وطريق صيرورته ضامنا تفويت المعقود عليه ونزع يده ضمنا للخلاف . ولكن ما ثبت ضمنا للشيء يتقدر بقدره ، ففيما وراء زمان الخلاف يد المودع كيد المودع ; لبقاء العقد ، والاستدامة فيما يستدام له حكم الإنشاء ، ولو أودعه ابتداء برئ عن الضمان باعتبار أن يد المودع كيد المودع ، فكذلك هنا ، وتبين بهذا أن استرداده يد عاريته كان مقصودا ، على حالة الخلاف ; لأنه ثبت ضمنا له ودعوى تقيد الأمر بما قبل الخلاف كلام باطل ; فإن أحدا لا يظن بصاحب المال أن يقول : احفظ مالي ما لم تخن ، فإذا خنت فلا تحفظ ، ولكنه يقول : احفظ ، ولا تخن ، فإذا خنت فاترك الخيانة ، واحفظه لي ; لأن مقصوده من الأمر بالحفظ أن يكون ماله مصونا عنده . والحاجة إلى ذلك في حالة الخلاف أظهر .

التالي السابق


الخدمات العلمية