الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا قال صاحب الوديعة للمودع : اخبأها في بيتك هذا ، فخبأها في بيت آخر في داره تلك ، فضاعت : فلا ضمان عليه - استحسانا - وفي القياس : هو ضامن ; لأنه خالف أمره نصا ، فهو كما لو قال : اخبأها في دارك هذه ، فخبأها في دار أخرى ; فهلكت . وفي الاستحسان يقول : إنما يعتبر من كلامه ما يكون مفيدا دون ما لا يكون مفيدا .

ألا ترى أنه لو قال : احفظها بيمينك دون يسارك ، أو : انظر إليها بعينك اليمنى دون اليسرى ، لم يعتبر ; لأنه غير مفيد . إذا ثبت هذا فنقول : البيتان في دار واحدة لا يتفاوتان في معنى الحرزية ; لأن الكل حرز واحد .

ألا ترى أن السارق إذا أخرج المتاع من أحد البيتين إلى البيت الآخر ، لم يقطع إذا أخذ قبل أن يخرجه من الحرز ، فأما الداران يتفاوتان في الحرز ، فكان تقييده في الدار مفيدا ; لأن كل دار حرز على حدة .

ألا ترى أنه لو قال له : لا تخرج بها من الكوفة ، فخرج بها إلى البصرة كان ضامنا ; لأن التقييد في المصرين مفيد ، فإن انتقل من الكوفة إلى البصرة ، أو إلى غيرها لشيء لم يكن له منه بد ، فهلكت : فلا ضمان عليه ; لأن المودع إنما يلتزم شرط المودع بحسب إمكانه .

ألا ترى أنه لو قال : أمسكها بيدك ولا تضعها ليلا ولا نهارا ، فوضعها في بيته ; فهلكت : لم يضمنها ، ; لأن ما شرط عليه ليس في وسعه - باعتبار العادة - فكذلك يسقط اعتبار شرطه .

التالي السابق


الخدمات العلمية