قال : ( وإذا لم يحل أكله ) ; لأن هذا قد صار أهليا فقد عجز بالفعل الأول عن الاستيحاش والطيران فذكاته بعد ذلك بالذبح في المذبح لا بالرمي بل الرمي في مثله موجب للحرمة ، ولما اجتمع فيه الموجب للحرمة والموجب للحل يغلب الموجب للحرمة ، ولأن إثخانه إياه كأخذه ، ولهذا لو أثخنه أحدهما وأخذه الآخر فهو للأول ، ولو أخذه ثم رماه فقتله لم يؤكل فكذلك إذا أثخنه ، وإن رمى بالسهم الثاني غيره فقتله لم يحل أيضا لما بينا ، ويغرم قيمته مجروحا للأول في قول أصاب السهم الصيد فأثخنه حتى لا يستطيع براحا ثم رماه بسهم آخر فقتله أبي يوسف رحمهما الله ومحمد في هذا لا يخالفهما ، ولكن لم يحفظ جوابه فذكر قول وأبو حنيفة [ ص: 250 ] أبي يوسف رحمهما الله ، وهذا لأن الفعل من الأول موجب للملك له والحل له ، والثاني بفعله أتلف صيدا مملوكا للأول فيضمن قيمته بالصفة التي أتلفه ، وإنما أتلفه مجروحا بالجرح الأول ، وإن علم أنه مات من الجراحتين جميعا ، فإنه يضمن نصف قيمته مجروحا بالجرح الأول ، ونصف قيمته لحما ذكيا ; لأن النصف مات بفعله ، والنصف بفعل الأول ; لأن الثاني أفسد عليه اللحم في ذلك النصف ; فلهذا ضمن نصف قيمته لحما ذكيا ، وإن أصابته رمية الثاني قبل أن يصيبه الأول لم يحرم أكله ، ولا يلزمه غرمه ; لأن رمية الثاني لم تخرجه من أن يكون صيدا ، فقد سبق ملكه فلا يغرم له شيئا . ومحمد
وإذا فهو للثاني حلال ; لأنه هو الذي أخرجه من أن يكون صيدا بفعله ، والأول كالمقر له ، والثاني كالآخذ والصيد لمن أخذ لا لمن أثار ( وإن كان الصيد يتحامل ويطير مع ما أصابه من رمية الأول فرماه الآخر فقتله فهو لهما جميعا حلال ) ; لأن كل واحد منهما رمى إلى صيد مباح وأصابه الرميتان جميعا معا ، فقد استويا في سبب الملك ، وذلك موجب المساواة في الملك ، وفعل كل واحد منهما مذك للصيد فيحل تناوله لهما ، وإن رمياه جميعا معا أو أحدهما بعد صاحبه قبل أن يصيبه السهم الأول فقتلاه فهو للأول ، ويحل تناوله عندنا ، وقال رمياه معا فأصابه سهم أحدهما فأثخنه ثم أصاب السهم الآخر رحمه الله لا يحل ; لأن الرمية من الثاني أصابته وليس بصيد ، والمعتبر وقت الإصابة لا وقت الرمي ; فلهذا لا يحل أكله ، ولكنا نقول : فعل كل واحد منهما موجب للحل ; لأنه رمى إلى صيد ، وفي الحل المعتبر وقت الرمي ; لأن الحل بالذكاة ، وهو فعل المذكي ، وفعله الرمي ، فأما في الملك فلا خير في أكلها ; لأنه لم يظهر لموتها سبب ، وإذا مات السمك بالشبكة وهي لا تقدر على التخلص منها ، أو أكل منها شيئا ألقاه في الماء ليأكله فمات منه وذلك معلوم فلا بأس بأكله ، وكذلك لو ربطها في الماء فهذا كله سبب لموتها ، والمعتبر وقت الإصابة لا وقت الرمي ; فلهذا لا يحل أكله ، ولكنا نقول : فعل كل واحد منهما موجب للحل ; لأنه رمي إلى الصيد ، وفي الحل المعتبر وقت الرمي ; لأن الحل بالذكاة وهو فعل المذكي ، وفعله الرمي ، فأما في الملك المعتبر وقت الإصابة ; لأن الملك يثبت بالإحراز ، وإحراز الصيد بالإصابة دون الرمي . زفر
وعلى هذا لو حل عندنا ، ولم يحل عند رمى إلى صيد وسمى فتكسر الصيد ثم أصابه السهم زفر