( ولو فإن لم يسر فلا شيء ) من قود ودية ؛ لأن المستحق أسقط الحق بعد ثبوته فسقط ( وإن سرى ) إلى النفس ( فلا قصاص ) في نفس وطرف لتولد السراية من معفو عنه وخرج بقوله قطع إذ هو من جنس ما فيه قود نحو جائفة مما لا يوجب قودا عفا المجني عليه عن القود فيها ثم سرت الجناية لنفسه فلوليه أن يقتص في النفس [ ص: 449 ] ؛ لأنه عفا عن القود فيما لا قود فيه فلم يؤثر العفو وبقوله عن قوده وأرشه ما لو قال عفوت عن هذه الجناية ولم يزد فإنه عفو عن القود دون الأرش كما نص عليه في الأم أي فله أن يعفو عقبه عليه لا أنه يجب بلا اختياره الفوري فيما يظهر أخذا مما مر فيما لو أطلق العفو قطع ) بضم أوله أي عضوه وجعله بعضهم بفتحه ( فعفا عن قوده وأرشه
( وأما أرش العضو فإن جرى ) في صيغة العفو عنه ( لفظ وصية ك أوصيت له بأرش هذه الجناية فوصية لقاتل ) وهي صحيحة على الأصح ثم إن خرج الأرش من الثلث ، أو أجاز الوارث سقط وإلا نفذت منه في قدر الثلث ( أو ) جرى ( لفظ إبراء أو إسقاط ، أو عفو سقط ) قطعا إن خرج من الثلث أو أجاز الوارث وإلا فبقدره ؛ لأنه إسقاط ناجز وكأنهم إنما سامحوا في صحة الإبراء هنا عن العضو مع الجهل بواجبه حال الإبراء إذ واجب الجناية المستقر إنما يتبين بالموت الواقع بعد وحينئذ فهو في مقابلة النفس لا العضو ؛ لأن جنس الدية سومح فيه بصحة الإبراء منها مع أنواع من الجهل فيها كما علم مما مر في الصلح وغيره ومما يأتي فيها
( وقيل ) هو ( وصية ) لاعتباره من الثلث اتفاقا فيجري فيها خلاف الوصية للقاتل ويرد بأن الوصية له إنما تتحقق فيما علق بالموت دون التبرع الناجز ، وإن كان في مرض الموت ووقع في متن المنهج وشرحه إصلاح مصرح بالفرق بين لفظ الوصية وغيره ، وهو وهم لما تقرر من اعتبار الكل من الثلث ؛ لأنه وقع في مرض الموت إذ الجرح الساري منه كما مر في بابه ثم رأيت نسخة معتمدة حذف منها ذلك الوهم قيل هذا لا يناسب جعل المقسم العفو عن القود والأرش ا هـ ويرد بمنع ما ذكر إذ غاية الأمر أنه زاد في الأرش تفصيلا ومثل ذلك لا يؤثر هذا كله في أرش العضو لا ما زاد عليه كما قال ( وتجب الزيادة عليه ) أي على أرش العضو ( إلى [ ص: 450 ] تمام الدية ) للسراية وإن تعرض في عفوه لما يحدث لبطلان إسقاط الشيء قبل ثبوته
( وفي قول إن تعرض في عفوه ) عن الجناية ( لما يحدث منها سقطت الزيادة ) بناء على الضعيف أن الإبراء عما لا يجب صحيح إذا جرى سبب وجوبه وهذا في غير لفظ الوصية أما إذا عفا عما يحدث بلفظها ك أوصيت له بأرش هذه الجناية وما يحدث منها فهي وصية بجميع الدية لقاتل فيأتي فيها ما مر ، ولو ساوى الأرش الدية صح العفو عنه ، ولم يجب للسراية شيء ففي قطع اليدين لو عفا عن أرش الجناية وما يحدث منها سقطت الدية بكمالها إن وفى بها الثلث ، وإن لم تصحح الإبراء عما يحدث ؛ لأن أرش اليدين دية كاملة فلا يزاد بالسراية شيء وبذلك يعلم أنه لو عفا عن القاتل على الدية بعد قطع يده لم يأخذ إلا نصفها ، أو بعد قطع يديه لم يأخذ شيئا إن ساواه فيها وإلا وجب التفاوت كما مر قبيل مسائل الدهشة .