الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : ومما خص الله تعالى به نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم تفضيلا لهن وإكراما لرسوله ، أن ضاعف عليهن عقاب السيئات ، وضاعف عليهن ثواب الحسنات ، فقال تعالى : يانساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين [ الأحزاب : 30 ] وفي الفاحشة المبينة هاهنا تأويلان :

                                                                                                                                            أحدهما : الزنا . وهو قول السدي .

                                                                                                                                            والثاني : النشوز وسوء الخلق . وهو قول ابن عباس .

                                                                                                                                            وفي مضاعفة العذاب لهما ضعفين قولان لأهل العلم :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه عذاب الدنيا وعذاب الآخرة . وهو قول قتادة .

                                                                                                                                            والثاني : أنه عذابان في الدنيا لعظم جرمهن بأذية رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                            قال مقاتل : حدان في الدنيا غير السرقة .

                                                                                                                                            [ ص: 22 ] وقال سعيد بن جبير فجعل عذابهن ضعفين ، وعلى من قذفهن الحد ضعفين ، ولم أر للشافعي نصا في أحد القولين ، غير أن الأشبه بظاهر كلامه إنما حدان في الدنيا ، فإن قيل في أمر مضاعفة الحد عليهن من تفضيلهن .

                                                                                                                                            قيل : لأنه لما كان حد العبد نصف حد الحر لنقصه عن كمال الحر ، وجب أن يكون مضاعفة الحد عليهن من تفضيلهن على غيرهن ، ثم قال تعالى : ومن يقنت منكن لله ورسوله [ الأحزاب : 31 ] أي يطيع الله ورسوله ، والقنوت الطاعة ثم قال : وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما [ الأحزاب : 31 ] فضوعف لهن الأجر مرتين ، كما ضوعف عليهن العذاب ضعفين ، فصار كلا الأمرين تفضيلا لهن وزيادة في كرامتهن ، وفي أجرها مرتين قولان لأهل العلم :

                                                                                                                                            أحدها : أن كلا الأجرين في الآخرة . والثاني : أن أحدهما في الدنيا ، والثاني في الآخرة .

                                                                                                                                            ويحتمل قوله وأعتدنا لها رزقا كريما تأويلين :

                                                                                                                                            أحدهما : حلالا فقد كان رزقهن من أجل الأرزاق .

                                                                                                                                            والثاني : واسعا : فقد صار رزقهن بعد وفاته وفي أيام عمر من أوسع الأرزاق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية