مسألة : قال الشافعي : " وروت عائشة - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( قال ) وفي ذلك دلالات ، منها أن أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ثلاثا ، فإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها ، فإن اشتجروا - أو قال اختلفوا - فالسلطان ولي من لا ولي له ولا نجد لشركه في بضعها معنى إلا فضل نظره لحياطة الموضع أن ينالها من لا يكافئها نسبه ، وفي ذلك عار عليه ، وأن للولي شركا في بضعها لا يتم النكاح إلا به ما لم يعضلها باطل لا يجوز بإجازته ، وأن الإصابة إذا كانت بشبهة ففيها المهر ودرء الحد " . العقد بغير ولي
قال الماوردي : ذكر الشافعي بعد استدلاله بهذا الحديث ما تضمنه ، ودل عليه من الفوائد والأحكام نصا واستنباطا منها في قوله : " أيما امرأة " فذكر خمسة أحكام ، وذكر أصحابه ثلاثين حكما سواها ، فصارت خمسة وثلاثين حكما ، أخذت دلائلها من الخبر بنص واستنباط .
[ ص: 46 ] منها في قوله : أربعة دلائل : أيما امرأة
أحدها : أن " أي " لفظة عموم ، له صيغة لتناوله جميع ما اشتمل عليه ، فخالف قول داود أنه لا صيغة للعموم .
والثاني : أن " ما " المتصلة بأي صلة زائدة : لأنها لو حذفت فقيل : أي امرأة صح ، مثله قوله تعالى : فبما رحمة من الله [ آل عمران : 159 ] ، أي فبرحمة من الله ، فدل على جواز الصلة الزائدة في الكلام ، وإن تعلقت به أحكام .
والثالث : اشتماله على جميع النساء من صغيرة وكبيرة يخالف قول أبي حنيفة ، وشريفة ودنية يخالف قول مالك ، وبكر وثيب يخالف قول داود .
والرابع : خروج الرجال عن حكم النساء في ولاية النكاح لتخصيصهم بالذكر .
ومنها في قوله : خمسة دلائل : نكحت بغير إذن وليها
أحدها : أن اسم النكاح حقيقة في العقد ، مجاز في الوطء ، فخالف قول أبي حنيفة .
والثاني : ثبوت ، قول من قدمنا خلافه . الولاية على جميع النساء في نكاحهن
والثالث : أن : لأن إذنه لا يصح إلا لوكيل ينوب عنه . للولي أن يوكل
والرابع : أن : لأنه ليس بولي ولا نائب عمن هو في الحال ولي . لا ولاية لوصي
والخامس : أن . العقد فاسد ، قد يضاف إلى عاقده وإن لم يلزمه
ومنها في قوله : ستة دلائل : فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل
أحدها : بطلان بخلاف قول من أجازه بغير ولي . النكاح بغير ولي
والثاني : لا يكون إذا بطل موقوفا على إجازة الولي بخلاف قول أبي حنيفة .
والثالث : أن لا يفسخ بطلقة إن كان مختلفا فيه بخلاف قول النكاح الفاسد مالك .
والرابع : أن . النكاح الفاسد يسمى نكاحا
والخامس : أن الإضافة قد تكون حقيقة ، ومجازا .
والسادس : جواز تكرار اللفظ وزيادة في البيان وتوكيد للحكم : لأنه قال : فنكاحها باطل ثلاثا .
ومنها في قوله : وإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها خمسة عشر دليلا :
أحدها : أن المسيس عبارة عن الوطء .
والثاني : أن الوطء في النكاح الفاسد موجب للمهر .
والثالث : أنه لا يوجب . الحد مع العلم والجهل
والرابع : أن إذا خلا من الإنابة لم يجب فيه المهر . النكاح الفاسد
والخامس : أن الخلوة لا تكمل بها المهر بخلاف قول أبي حنيفة .
[ ص: 47 ] والسادس : أن يجب لها المهر بما استحل من فرجها ، بخلاف قول المستكرهة على الزنا أبي حنيفة .
والسابع : أن الإصابة في كل واحد من الفرجين من قبل أو دبر يوجب المهر : لأنه فرج .
والثامن : أن ، فلها المهر دون الزوج ، بخلاف قول من جعله للزوج . ذات الزوج إذا أصيبت بشبهة
والتاسع : أن يكون لها المهر لا في بيت المال ، بخلاف قول من جعله لبيت المال . الموطوءة بشبهة
والعاشر : أن تكرار الوطء في النكاح الفاسد لا يجب به إلا مهر واحد ، ما لم تغرم المهر عما تقدم به .
والحادي عشر : أن لا توجب المهر . الإصابة دون الفرج
والثاني عشر : أن يسقط عنه مهره بالغرور . الغارة للزوج
والثالث عشر : أن أو في نكاح فاسد كالموطوءة في نكاح صحيح ، في لحوق النسب ووجوب العدة وتحريم المصاهرة ، لاستوائهما في وجوب المهر ولحوق النسب والعدة وتحريم المصاهرة . الموطوءة في العدة بشبهة
والخامس عشر : أن فهو مهر المثل دون المسمى ، سواء كان أقل منه أو أكثر ، بخلاف قول المهر إذا استحق بالإصابة في نكاح فاسد أبي حنيفة : أنه يوجب أقل الأمرين من مهر المثل أو المسمى .
وأما قوله : فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له خمسة دلائل :
أحدها : أن . العصبة أحق بالولاية عليها من السلطان
والثانية : أنهم إذا عدموا انتقلت الولاية عليها إلى السلطان .
والثالث : أن الأقرب من عصبتها أولى من الأبعد ، كما أن العصبة لقربهم أولى من السلطان .
والرابع : أن لم يكن أحدهم إذا اشتجروا أحق من الباقين إلا بقرعة أو تسليم . الأولياء إذا كانوا في درجة واحدة
والخامس : أنهم إذا اشتركوا في نكاحها عضلا لها لا تنازعا فيها زوجها السلطان .
والاشتجار عضلا : أن يقول كل واحد منهم : زوجها أنت ، ليصيروا جميعا عضلة ، فزوجها السلطان .
والاشتجار إن تنازعا : أن يقول كل واحد منهم : أنا أزوجها ، فلا تنقل الولاية إلى السلطان : لأنهم غير عضلة بل يقرع بينهم ويزوجها من قرع منهم .