الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن استئمار الأب لابنته البكر استحبابا ، فإذنها يكون بالصمت دون النطق ، بخلاف الثيب لقوله صلى الله عليه وسلم : " وصمتها إقرارها " .

                                                                                                                                            وروى ثابت البناني عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب إليه إحدى بناته دنا من الخدور ، وقال : إن فلانا خطب فلانة ، فإن هي رضيت سكتت ، فكان سكوتها رضاها ، وإن هي أنكرت طعنت في الخدر ، فكان ذلك منها إنكارا فلا يزوجها ولأن البكر أكثر خفرا وتحذرا من الثيب فهي تستحي مما لا تستحي منه الثيب من التصريح بالرغبة في الأزواج ، فجعل سكوتها إذنا ورضا ، ولم يجعل إذن الثيب إلا نطقا ، فأما من عدا الآباء من الأولياء مع البكر فعليهم استئمارها : لأنه لا يجوز لهم إجبارها وإذنها معهم الصمت كإذنها مع الأب .

                                                                                                                                            وقال بعض أصحابنا : إذنها معهم بالنطق الصريح كالثيب بخلافها مع الأب : لأنها كانت معهم في وجوب الاستئمار كالثيب وجب أن يكون إذنها نطقا صريحا كالثيب . وهذا خطأ لما قدمناه من عموم الأخبار ، ولما ذكرناه من كثرة الاستحياء ولعل حياءها مع غير الأب أكثر لقلة مخالطته ، فكان إذنها معهم بأن يكون صمتها أولى ، وهكذا السلطان مع البكر كالعصبات إذا فقدوا لا يزوجوها إلا بعد بلوغها بإذنها ، وإذنها معه الصمت ، وسواء كانت البكر ممن قد تزوجت مرة وطلقت قبل الدخول ، أو لم تتزوج قط ، إذا كانت البكارة باقية ، في أن حكمها ما ذكرناه مع الأب والعصبات .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية