الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا كان لرجل ابن ابن وله بنت ابن آخر ، فأراد أن يزوج ابن ابنه بنت ابنه ، فإن كان أبواهما باقيين لم يكن له تزويجهما : لأنه لا ولاية للجد مع بقاء الأب ، وإن كان أبواها [ ص: 70 ] ميتين ، فإن كان ابن ابنه بالغا فليس له إجباره على النكاح ، فإن كانت بنت ابنه ثيبا فليس له إجبارها على النكاح ، وإن كان ابن ابنه صغيرا أو بنت ابنه بكرا ، فله إجبار كل واحد منهما على الانفراد ، إن أراد تزويج أحدهما بالأخر ، ففي جوازه جبرا وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يجوز تزويج أحدهما حتى يبلغ الابن ، فيكون هو القابل لنفسه : لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كل نكاح لم يحضره أربع فهو سفاح ولأن لا يتولى العقد من طرفيه كما لا يجوز لابن العم أن يزوج موليته : لأن لا يصير متوليا للعقد من طرفيه . وهذا قول أبي العباس بن القاص وطائفة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يجوز للجد أن يفعل ذلك ويتولى العقد من طرفيه ، كما يجوز له فيما ينفق من مال على ابن ابنه إذا كان واليا عليه أن يتولى العقد من طرفيه ، وخالف ابن العم في تزويجه ابنة عمه إذا كان واليا عليها من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن ولاية الجد توجب الإجبار لقوتها وولاية ابن العم تمنع من الإجبار لضعفها .

                                                                                                                                            والثاني : أن الجد في الطرفين عاقد لغيره وابن العم أحد الطرفين عاقد لنفسه . وهذا قول أبي بكر بن الحداد المصري وطائفة ، فعلى هذا لا بد للجد من أن يتلفظ في عقد نكاحها بالإيجاب فيقول : قد زوجت ابن ابني ببنت ابني ، وهل يحتاج فيه القبول أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا بد من أن يتلفظ فيه القبول ، فيقول : وقبلت نكاحها له . وهذا قول أبي بكر بن الحداد ، ولأنه يتولى ذلك بولايتين ، فقام فيه مقام وليين ، فلم يكن بد فيه من لفظتين : أحدهما : إيجاب ، والآخر : قبول .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يحتاج أن يتلفظ فيه بالقبول ، هذا قول أبي بكر القفال : لأن الجد يقوم مقام وليين ، فقام لفظه مقام لفظين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية