الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : [ القول في تفسير الكفاءة والأصل فيها وشرائطها ]

                                                                                                                                            فإذا ثبت اعتبار الكفاءة فهي المساواة ، مأخوذ من كفتي الميزان لتكافئهما ، وهي معتبرة بشرائط نذكرها .

                                                                                                                                            [ ص: 101 ] أصلها ما رواه سعيد بن أبي شعبة عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : تنكح المرأة لأربع : لمالها ، وحسبها ، ودينها ، وجمالها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك .

                                                                                                                                            يقال : ترب الرجل إذا افتقر ، وأترب إذا استغنى ، وفي هذا القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم له ثلاثة تأويلات :

                                                                                                                                            أحدها : أن تربت هاهنا بمعنى استغنت ، وإن كان في اللغة بمعنى افتقرت ، فتصير من أسماء الأضداد : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز أن يدعو على من لم يخالف له أمرا ، مع أن دعاءه مقرون بالإجابة .

                                                                                                                                            والثاني : أن معناه تربت يداك إن لم تظفر بذات الدين : لأن من لم يظفر بذات الدين سلبت البركة فافتقرت يداه .

                                                                                                                                            والثالث : أنها كلمة تخف على ألسنة العرب في خواتيم الكلام ولا يريدون بها دعاء ولا ذما ، كقولهم ما أشعره قاتله الله ، وما أرماه شلت يداه .

                                                                                                                                            فإذا ثبت هذا ، فالشروط التي تعتبر بها الكفاءة سبعة وهي : الدين ، والنسب ، والحرية ، والمكسب ، والمال ، والبشر ، والسلامة من العيوب .

                                                                                                                                            وقال مالك : الكفاءة معتبرة بالدين وحده .

                                                                                                                                            وقال ابن أبي ليلى : معتبرة بشرطين : الدين والنسب .

                                                                                                                                            وقال الثوري : هي معتبرة بثلاث شرائط : الدين ، والنسب ، والمال ، وهي إحدى الروايتين عن أبي حنيفة .

                                                                                                                                            وقال أبو يوسف : هي معتبرة بأربع شرائط : الدين ، والنسب ، والمال ، والمكسب .

                                                                                                                                            الرواية الثانية : عن أبي حنيفة .

                                                                                                                                            ونحن ندل على كل شرط منها ونبين حكمه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية