الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما القسم الرابع : وهو أن يسبق أحدهما الآخر ويشك أيهما هو السابق فهو على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يصير الشك بعد تقدم اليقين ، فيكون النكاحان موقوفين على ما يرجى من زوال الشك بعود اليقين : لأن طروء الشك بعد تقدم اليقين يجوز أن يتعقبه يقين ، فعلى هذا تكون ذات زوج قد جهل عينه فتمنع من الأزواج ، وليس لواحد منهما إصابتها إلا بعد اليقين بأنه الأسبق نكاحا .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون الشك مقارنا للعقد لم يتقدمه يقين ، فلا يكون النكاح موقوفا : لأنه ليس يتوقع زوال الشك بعود اليقين ، وإذا امتنع وقف النكاحين كانا باطلين وهل يفتقر بطلانهما إلى فسخ الحاكم أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يفتقر إلى فسخ الحاكم ويكون الجهل على المتقدم فسخا : لأن الجهل بعين الأسبق هو المانع من تعيين الأصح ، فاقتضى أن يقع به الفسخ .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه لا يقع الفسخ إلا بحكم الحاكم : لأننا نعلم أن أحدهما زوج ، وإن لم يعلم أيهما الزوج فلم ينفسخ نكاحه إلا بحكم الحاكم الذي له مدخل في فسخ المناكح ، فإن قيل بوقوع الفسخ بالجهل دون الحكم على الوجه الأول كان فسخا في الظاهر والباطن ، كما يمنع التوارث بين الغرقى في الظاهر والباطن عن إشكال التقدم ، وإن قيل بوقوع الفسخ بحكم الحاكم على الوجه الثاني : فهل يقع في الظاهر والباطن أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            [ ص: 125 ] أحدهما : أنه فسخ في الظاهر والزوجية بينهما وبين الأول منهما باقية في الباطن : لأن حكم الحاكم لا يحيل الأمور عما هي عليه .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو أصح أن الفسخ يقع ظاهرا وباطنا : لأن المرأة لما لم يحصل لها العوض عاد إليها المعوض ، كالبائع إذا أفلس المشتري بثمن سلعة عادت إليه بفسخ الحاكم ملكا في الظاهر والباطن .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية