الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما القسم الخامس : وهو أن يسبق أحدهما الآخر ويدعي كل واحد من الزوجين أنه هو السابق ، فإن كان لأحدهما بينة عمل عليها وحكم بها ، فإن كان الولي العاقد أحد الشاهدين لم تقبل : لأنه شهد على فعل نفسه ، ولو كان ولي العقد الآخر شاهدا في هذا العقد قبل ، وإن لم يكن لكل واحد من الزوجين بينة فلا يخلو حالهما من أحد أمرين .

                                                                                                                                            إما أن يدعيا علمهما بأسبقهما عقدا ، أو لا يدعياه لغيبتهما عن العقد وجهلهما بالأسبق ، تحالف الزوجان دون الوليين : لأنهما المتداعيان ، ولا يراعى تصديق الوليين ، فإن حلف الزوجان انفسخ النكاحان . وهل ينفسخان بنفس التحالف أو بفسخ الحاكم بينهما ؟ على وجهين مضيا في البيوع . وإن نكل الزوجان عن اليمين فسخ الحاكم نكاحهما ، ولم ينفسخ إلا بحكمه وجها واحدا : لأن نكول الناكل لا يمنع أن يكون محقا في دعواه ، فلم يمنع بنكوله فسخ حتى يحكم به الحاكم . فإن حلف أحدهما ونكل الآخر ، قضى بالنكاح للحالف منهما دون الناكل . فإن دخل بها الناكل نظر حال دخوله : فإن كان بعد نكوله أو يمين صاحبه ، فهو زان بحد ، ولا يلحق به الولد ولا تجب عليها العدة .

                                                                                                                                            أما المرأة : فإن علمت بحال الناكل عند تمكينه من نفسها ، فهي زانية تحد ولا مهر لها ، وإن لم تعلم ، فلا حد عليها ولها مهر مثلها . وإن كان الناكل قد دخل بها قبل نكوله ويمين صاحبه ، فلا حد عليه ولا عليها : لبقاء شبهته في النكاح وعليه مهر مثلها وعليها العدة ، وإن جاءت بولد لحق به وهي محرمة على الحالف حتى تقضي عدة الناكل ، ولا نفقة لها في زمان العدة على واحد منهما . أما الحالف فلأنها محرمة عليه وإن كانت زوجته لاعتدادها من غيره ، وأما الناكل فلأنها ليست زوجته ، وإن كانت معتدة منه إلا أن تكون حاملا فهل يلزمه نفقتها أم لا ؟ على قولين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية